•الفصل الأول

189 15 2
                                    


الحِكَايةُ (..1..) 

إِنتفض قِسم شُرطة «حي السيدة زينب» حِينما جَاءهُم بَلاغٍ بالقَبْضِ عَنْ فَتاةٍ مِصرية قَامَت بقَتل ضَابط إِنجليزي بكُل جُرأةٍ فَـ هَب القَادة للثَأرِ مِنها ...

تَبادلَ الجُنود المِصريين النَّظرات وَ مِئات الأسئِلة تَتقاذفُ بِعُقولهم عَنْ مَصير الفَتاة فَـ الإحتلال لَنْ يَسكُت عَن هَذه الحادِثة إلا بالثَأرِ للضَابط خَاصتهم وَلو بإراَقة الدَمِ إِنْ لَم يكْتفُوا بعُقوبة الجَانية ...

أَما بدَاخل مَكتب الضابط "علي الجِندي" فَـ كَان يَجلس عَلي كُرسيه خَلف المَكتب ينْقُر بقَلمه عَليه فِي نَقرات مُتتابِعة و ثَابتة أَما عَيناه فَكانتا مُعلقتين بِها بثَباتٍ و لكَن دَاخلهُ يُشفق عَليها و علي مَصيرها التَعِس الذي أَلقي بِها فِي التَهلُكة ...

أَوليسَ نَحنُ نَحصُد نَتائج مَا إِقترفتهُ أَيدينا ، و لكُلِ فِعلٍ رَدُ فِعل ..!

تَأمَلها بَعينيهِ الزُرقاوتينِ وهِي مُنكمشةِ علي الأَرض تَحتضن بِذراعيها سَاقيها و تَستند بِذقنها عَلي رُكبتيها ، مَلابسِها مُمزقة و مُلطخة بالدمَاءِ ،  الجُروح تنتشر علَي ساقَيها البَارِزةُ مُن أسفل ثَوبها المُمزق فكشف عَن ذِراعَيها و رَقبتِها المَجروحتانِ ، أَما خُصلاتِ شَعرها فَـ مُشعثة و مُتشابكةِ كَأنَها فِي حَربٍ ، و عَينّاها حُمراوتانِ و مُتورمةُ أثر بُكائها ..

فَتاة جَميلة و بِتلك الهَشاشةِ و الضعفُ كَيف لَها أَنّ ترتكب جَريمة كَـ هذِه لا يُصدق حَقًا ، فَـ مِرآةُ العَينِ تَكشُف عِن إنِعكاس الصُورة لا الرُوحِ ..

و الحَقيقةُ أنهُ بَدا مَأخُوذًا بهَيئتُها المُوحية بالقُوة و الضَعفُ بآنٍ واحد ، هَيئة حِينما تَجتمع الشَياطِين و المَلائكةُ ، مَزيجٌ غريب لَكنه جَذابٌ للغاية ..

بِتلك الأثَناء إقِتحم المَكتب إثنان مِن رِجال الشُرطة أَحدهُم يَمتاز بقِصر القامَة النِسبي و بَشرته حِنطيةٌ وَهو تَابعٌ للشرطة المِصرية أما الآخر فَكان ضَابط بريطَاني تَابعٌ للإحتلال ..

وَقف "علي" مُحييًا قَائده بثَبات إنفعَالي شَديد:

-أهَلاً بِك سيدي ..

جَلس اللواء "سِليمان" بقَسمات وجهه الغَير مُبشرة نِهائيًا و إكَتفي بهَزة طَفيفة برَأسه أَما الضَّابِط البِريطاني فَـ إحتّل المِقعد الآخر وَاضعًا سَاقٍ فَوق الأُخري و يَبدو عَليه الغَضب الشَديد ..

تَحدث اللِواء "سلِيمان" بحِدة واضحة:

-لَيس وقتٌ للتحية يا حَضرة النَقيب ، مَا جئناكَ بِه فِي غايةُ الأَهمِية ..

إِنزوي مَا بين حَاجبي "علي" بدهَشةٍ ليتَساءل:

-مـا الأمرُ سيدي ..

حُب فِي زمنُ الحربحيث تعيش القصص. اكتشف الآن