جاكي

14 1 0
                                    

على تلة ترتفع عشرة أقدام على البحر، جلس جاكي رفقة صدقيه، وضع كرسيه فوق المروج الخضراء، و الشمس قريبة إلى الغروب، لتبدأ السماء تصبغ باللون الأحمر، و البحر يتلئلئ كالمرجان، و الرياح تحمل رائحة الملح نحوهم.
جلس بجانب جاكي صديقه المفضل داكسون، و هو شاب غبي الملامح و عيون قليلا ما تكون مفتوحة، فقد كانت المخدرات حياته ليل نهار، نحيل ذو جه دائري صغير و شعر أسود أشعث، و يحب ارتداء الملابس السوداء كراهب في معبد قديم، قال وهو يناول جاكي قدح من المزر:"لقد سمعت أنك ستصير يد والدك اليمنى".
قال جاكي و قد لاحت ملامح الفوز على محياه:"نعم قريبا جدا..."، أتمم بعد أن أخذ رشفة من المزر:"...لكن عمي مازال يده اليمنى".
قال داكسون:"لايهم فما زلت الوريث".
قال جاكي و هو يتأمل المحيط أمامه:"نعم...أنا الوريث".
تذكر محادثته القصيرة على العشاء رفقة والده ليلة البارحة، حيث أخبره عن مدح معلمه له، و كيف إستجاب والده بكلمات قليلة دون ملامح تدل على سروره من عدمه، لكن عندما سقطت تلك السكينة الغبية من يدي أخيه الأصغر لاح الإهتمام من والده له أكثر مما فعل معه،لكن ما اجمل تلك اللحظة عندما أخذ يوبخ أخاه داني، فقد كان مشهدا نادرا مايحدث، حتى عندما ركض أخوه ليفرغ معدته كالقطة المخبولة، أخرج ضحكة جعلت والدته تركل جانب قدمه ليصمت.
أعاد يقول من جديد:"نعم...أنا الوريث".
جائت بعدها صديقته تحمل مجموعة من المعلبات لمشروب كحولي وهي تقول بصوتها القريب لزعيق:"ياله من منظر جميل".
لقد كان جميلا حقا و قد أخذت الشمس تنعكس من على سطح المحيط الأزرق، لتدخل داخل أعماقه.
قال داكسون:"تينا لقد اخبرتك أنا هذا المشروب لا يحبه جاكي'".
قال جاكي ململما:"لابأس...فقط فلتجلسي و تشاهدي الغروب".
كانت تينا حبيبته، فتاة نحيلة، ذات قوام يشبه عارضات الأزياء، و شعرها الأسود القصير جعلها تشبه الشخصيات الكورية في المسلسلات التي تحبها بدورها، و ملامحها كانت لابأس بها حقا، عينان سودوان و شفتين ممتلئتين، و تتوسطها خالة سوداء على جانب وجهها.
قالت وهي تعانق يد جاكي:"أحب هذا المكان حقا جاكي...أتمنى أن نأتي إليه أمد الدهر".
أومأ جاكي إيجابا:"نعم".
ثم جلس ثلاثتهم يشاهدون الغروب حتى إختفت الشمس داخل المحيط، لتصير مياهه سوداء و السماء صارت أحمر قاني كالدم.
لحظتها أخذت تينا تقف وهي تقول:"سأذهب لتحضير المارشميلو".
ثم أخذت تتحرك بخطوات سريعة.
أخذ داكسون يشعل سيجارة من الحشيش الجبلي، النوع الجيد، بينما أخذ جاكي يكمل مزره الذي أخذه من دولاب السيد والده العتيق، النوع الفاخر.
قال داكسون بينما تحضر تينا الوجبات داخل العربة التي جاءو بها:"هل ستخبرها؟؟".
صمت جاكي ولم يجب، أتمم داكسون كلامه:"على الأقل تستحق منك الحقيقة...إنها تحبك".
و أخذ يخرج دخانا أبيض من فمه و عيناه أخذتا تنغلقان مجددا.
قال جاكي بنفور:"إنها مجرد فتاة من الفتيات التي أعاشرهن...وهي تعلم ذلك".
قال داكسون:"لا أظن".
قال جاكي بغيظ:"إنها فقيرة...مجرد فتاة تعمل في حانة كي تكمل دراستها...لن يقبل أبي أبدا...أحببت النوم معها...و نهديها جميلتين حقا...لكن هذا كل شئ".
قال داكسون:"أنت قاس حقا جاكي".
نخر جاكي قبل أن يقول:"هل تكن مشاعر نحوها...أه؟"
إكتفى داكسون أن قال:"إنها صديقتي...صديقتنا".
قال جاكي وقد وضع زجاجة المزر الفارغة جانبا:"نعم صديقتنا...لكنني سأدخل عالم عائلتي داكسون...لا يمكن لعلاقتي بتينا أن تبقى".
قال داكسون:"و صداقتنا أنا و أنت؟؟...".
لكنه لم يتلقى جوابا من جاكي...الصمت علامة الرضى...عندما بدأت الظلال تزحف من فوقهم أشعلت تينا النار حولهم و أخذت تشوي المارشميلو، بينما تلقي النكات و تتحدث دون توقف عن مستقبلها رفقة جاكي و كيف ستلد له أبناء سيجعلون شركات عائلة ستورم أغنى مما هي عليها الأن،بينما أخذ داكسون ينظر إلى النار بصمت، و جاكي يبتسم لها في كل لحظة عندما تعانق ذراعه، و أخذ يقول في نفسه...ماذا فعلت أيها الأحمق...كيف سأتخلص من هذه الحمقاء!!...أنا وريث عائلة ستورم الشهيرة...و يجب علي أن أصير أكثر قوة و شجاعة...
لكن مضجعاته لها داخل العربة في تلك الليلة جعلته ينسى تكبره و همس في أذنها بكلماته العسلية الكاذبة...أنا أحبك...

في أعماق المحيطحيث تعيش القصص. اكتشف الآن