داني

4 1 0
                                    

أخذت الجدران ترتفع حوله، بيضاء اللون، تتوسطها أعمدة من الجير دائرية الشكل،و قد أنارت كراجل من الشموع المكان، لتجعله يميل إلى الأحمر القاني،رغم كل هذه النيران، كان داني يشعر بالبرد، وقف وسط الطريق المعوج أمامه،لا نهاية له، مجرد نقطة حمراء بعيدة جدا،وقف ينظر حوله وهو يشعر بالخوف و الوحدة،حافي القدمين، وقف على قرميد من الزليج،للحظة أخذ يتحرك وقد أخذ في كل بضع لحظات يأخذ منحدرا معوجا، يمينا ثم يسارا، دون أن يعرف إلى أين تأخذه الطريق،لكن رغم ذلك لم يتوقف، لم يشعر كم مر من الوقت وهو يتحرك دون هوادة، لكن عند المنعرج الستين بدأت خطوط حمراء تتدفف من أعلى الجدران، زاحفتا متخثرة، حمراء قانية تميل إلى لون النار على الكرجل بجانبه، أخذ يقرب يده نحو الجدار، ليلمس السائل الزاحف، كان ملمسه متخثرا و لزج، أخذ يقربه إلى أنفه، إشمئز من رائحته الكريهة، لكنه عرف نوع السائل الذي أخذ يسيل أكثر غزارة على الجدار ليغطي اللون الأبيض، محولا إياه إلى أحمر،حتى أن داني قد شعر بمذاقه على لسانه، قال بصوت تردد في المكان:"دم".
لحظة ظهر درج حلزوني الشكل أمامه، أبيض ذو درجات رمادية، تحرك نحوه دون تفكير، لعله سيكون المخرج الذي يبحث عنه، نزل يدور و يدور...و يدور، حتى وصل إلى نهاية الدرج، ليجد باب زجاجيا أمامه، عندما إقترب أخذ إنعكاسه يظهر أمامه، لكنه لم يكن هو حقا، بل شخصه عندما كان طفلا صغيرا، بريئا وقف ينظر إلى داني الشاب...المريض بالوسواس القهري، بينما كان الطفل المنعكس أمامه داني الطفل، البشوش الفرح، كله طاقة و حيوية، أخذ الطفل داني يبتسم له،و عندما لمست يد داني الشاب الباب الزجاجي، تكسر و إنفجر إلى أشلاء تساقطت على وجهه، تاركتا جروحا عليه،شعر بألم على وجنتيه وقد رفع يديه يغطي وجهه، لتبدأ خطوط سوداء تخرج من المكان الذي كانه الباب الزجاجي قبل أن يكسر،خطوط قريبة إلى كونها أعمدة من حديد، حاول داني أن يركض لكنه سقط في حفرة مظلمة، صرخ وقد بدأ يهوي و الهواء بارد من حوله، عندما سقط في بركة مياه مظلمة باردة كالجليد، وجد نفسه عاريا وسط المياه، و التي أخذت تطفو به نحو منحدر أخر أكثر برودة و ظلمة،أخذ يحاول السباحة، يضرب بكلا قدميه و يديه، لكن دون فائدة، أخذ يصرخ بصوت عالي:"النجدة...النجدة...".
لكن دون مجيب أو منقد،عندما صار على مقربة على المنحدر أمسكه شيئ ما من يديه وسحبه بقوة ليرتفع طائرا نحو اليابسة،وهي عبارة عن أرضية صلبة، حاول الوقوف على قدميه، عاريا يرتجف بردا و خوفا، عندما أدار وجهه ليرى منقذه، وجد رجلا عاري بدوره، رجلا دون ملامح على وجهه، يقف مستقيم القامة، عندما حاول داني الكلام سمع صوت يهمس في أذنيه:"لا تخف".
أجفل وقد أخذ يبحث على الصوت، همس مجددا:"أنا أسف".
كان الرجل دون ملامح يعود أدراجه نحو الظلام، لتبدأ جروح تظهر على قدمي داني، مؤلمتا كانت، صرخ و قد أخذت الجروح تظهر أسفل فخذيه و في منطقته الحساسة، لتبدأ الدماء تخرج منه وقد سقط على ركبتيه يصرخ و يصرخ، ثم سقط على نفسه وأخذ يضرب نفسه مع الأرض من شدة الألم، لتنفجر داخله حشرة ذات مئة قدم تصرخ، ليستيقظ من نومه مرعوبا، و قد أخذ العرق يبلله، بينما تسللت أشعة الشمس نحو غرفة نومه.

في أعماق المحيطحيث تعيش القصص. اكتشف الآن