إلي

5 2 0
                                    

إصطفت رفوف الكتب الموضوعة على طول رف خشبي من المينا، و قد تزينت حوافها باللونين الأحمر و الفضي، بينما أخذت أشعة النار المتألقة من الموقد تنعكس على أغلفتها، و قد بسط على الأرض الرخم بساط مصنوع في الشرق و قد زين بخطوط حمراء و زرقاء، و أخذت شعيرات من الصوف تنتشر على جوانبه، و من إلى جانب الموقد تحت نافذة مفتوحة، على مقعد مستطيل الشكل مصنوع من خشب الدردار، وضعت إلي كتابا ضخما خلافه من القماش الذهبي الشفاف، و قد أخذت صفحاته تنعكس على جوانب المقعد، بينما أخذ القمر يرتفع في السماء السوداء أبيض كالثلج، بينما جلست إلي على جانبها تقرأ من الكتاب و قد إنسدل شعرها على الجانب الأيمن ليلامس الأرض الرخم، و قد إرتدت ملابس نوم سوداء عارية الكتفين، و أخذت عيناها تتحرك يمينا ثم شمالا من بين السطور المكتوبة بالحبر الخام، و قد كتب على غلاف الكتاب الضخم..."شجرة عائلة ستورم"...لم تكن حقا شجرة، بل أقرب إلى صفحات من تعريف و وصف لعائلة ستورم.

فقد كانت الصفحات الأولى تضم المؤسس الأول لعائلة ستورم، إدوارد ستورم، حيث كتب:"كان إدوارد ستورم في التاسعة عشرة من عمره عندما بدأ بتأسيس شركته الخاصة، بحصة مال صغيرة بعدما كان يجمع الكبائس الحديدة من جنبات السكك الحديدة، و يبيعها في الأسواق للحدادين بأثمنة رخيصة،و هكذا بعد أربعة سنوات برفقة صديقه إدريك لافان، قاما بتأسيس شركة صغيرة لمبادلة الكبائس بالحديد لكن بأثمنة أكثر إرتفعا، و هكذا بعد سنة تعرض إدريك لحادثة سير في أحد المنحدرات الجبلية، ليموت تاركا صديقه أمام الشركة التي بدأت تضع أقدامها على الأرض، و هكذا أخذ إدوارد العمل على عاتقه حتى إرتقى بها لتصير واحد من أكبر شركات الحديد في البلاد، وقد كان والده صيادا للتماسيح في البحيرات وسط الجبال و دائما مايصنع فرو الملابس من جلدها، قرر أن يأسس له شركة بدوره و إدخالها في إسمه، لتبدأ عائلة ستورم عن طريق إدوارد في صناعة الحديد و فرو التماسيح. تزوج بعدها إدوارد و رزق بولدين، أكبرهم كان الوريث الثاني، ستيفون ستورم، الذي بدأ العمل رفقة والده في سن التاسعة عشرة.توفيت زوجت السيد ستورم بعد صراع مع مرض سرطان الدم، ليرحل إدوارد بدوره في سلام بعدما بلغ السبعين من عمره.".
و في الصفحات التالية بدأت الخطوط تكتب حول الوريث الثاني للعائلة، ستيفون ستورم:"لم يكن ستيفون ستورم على إتفاق مع أخيه الأصغر ديك ستورم، الذي رحل عن عمل العائلة و عن البلاد أيضا رفقة زوجته و أبنائه، ليأخذ ستيفون العمل مكملا على ما بدأه والده، فقد كانت شخصيته متقلبتا،و زير نساء، حيث جعل عائلة ستورم في حافة الإنهيار، و أغلقت بسببه شركة صناعة الفرو بعد أن تعرضت إلى إنهيار أسهمها في السوق، و قد كانت الشركة الأخرى بدورها في حافة الإنهيار، قبل أن يعلن ستيفون على صفقة رفقة أحد شركة الأدوية التي أخذت نصف أسهم الشركة ليتم انقاذها في النهاية، لكنها صارت في شراكة مع عائلة أخرى، "أل ماندر"، تزوج بعدها في الستين بفتاة شابة في العشرين، ليرزق بطفل واحد، الوريث الثالث، ميكن ستورم. توفي بعدها ستيفون عندما كان ميكن يبلغ من العمر خمسة سنوات، لتعتني به أمه حتى بلغ مبلغ الكبار، توفيت بدورها عندما تخثرت دمائها بمرض السرطان تاركتا إبنها وقد أعاد شركة ستورم إلى القمة في قفزة نوعية، حيث طور في البنية التحتية للشركة، و أعاد فتح شركة جلد التماسيح، و اشترى شركة الأدوية من أل ماندر ليعود كل شيئ إلى شكله الأصلي، حيث إتخذ لنفسه شعارا للعائلة، و هو عبارة عن كبيسة حديدية دائرية الشكل، يتخللها تمساح و سطها، و قد كتبت أسفلها...صلب كالحديد، و شرس كالتمساح...تزوج بعدها بفتاة أحلامه و رزق بأربعة أولاد، ريتشارد ستورم، كارين ستورم، بن ستورم و ريك ستورم، أخذت أسهم الشركة في الإرتفاع بشكل مبهر لتصير عائلة ستورم من بين أغنى العائلات في البلاد، حيث توفي ميكن ستورم في الخامسة و الستين من عمره، و زوجته قبله بسبب مرضها بسرطان الدم، لتتوجه الخلافة الرابعة للسيد ريتشارد ستورم".
لتصل إلي بعدها إلى صفحات بيضاء، حيث لا يتم كتابة إنجازات الوريث حتى يموت، وهكذا أخذت تنظر إلى الصفحات البيضاء مفكرة...زوجاتهم ماتو بنفس المرض...حيث علمت من والدتها أن زوجات الورثة الثلاثة من عائلة أل ماندر الغنية، أخوات أو بنات عمومة، فقط السيدة والدتها التي جائت من عائلة مختلفة، و قد لاحظت كذلك الإرتفاع الضخم للأسهم الشركة بسبب جدها...أمر غريب و مبهر أيضا...أخذت تشرد في أفكارها بعدما فتح شخص ما باب المكتبة بصوت مرتفع. ليقف جاكي بخطوات مترنحة بعد رؤيته لها، كان وجهه ممتقعا و قد بدى عليه التعب، قالت إلي وهي تنظر إليه:"ماذا هناك جاكي؟؟".
أجاب و هو ينظر من حوله:"أسف...فقط كنت...أبحث عن شيئ ما...أسف سأرحل الأن".
ثم رجع و قد أغلق الباب من ورائه، لكن بلطف هذه المرة...لتعود إلي متأملة الكتاب الضخم...و قد روادتها أفكار عن ماذا سيكتب هنا في هذه الصفحات البيضاء عندما يصير جاكي وريث العائلة الخامس...إبتسمت لنفسها...و قد ترددت الكلمة في أعماق عقلها...خراء...

في أعماق المحيطحيث تعيش القصص. اكتشف الآن