بينما كانت زارا تتوغل في قلب الغابة، كانت أفكارها تتسارع، انتابتها عاصفة من المشاعر بعد مواجهتها مع كايت. تركتها مفعمة بالحماس، والإحباط في آن واحد مع العزم لإثبات نفسها. عندما وصلت إلى فسحة صغيرة، أقامت معسكرًا مؤقتًا بسرعة. الليل حولها كان مليئًا بنداءات المخلوقات الليلية الغريبة. الرياح كانت تهز المظلة الكثيفة للأشجار حولها، مما أضفى برودة مزعجة على الهواء. كانت اليراعات الملوّنة تضئ الظلمة حولها، توهجها كان ساحرًا ومخيفًا في آن واحد.أثناء إعدادها للآليات الدفاعية حول معسكرها، ظهر مخلوق صغير ومشاغب من بين الشجيرات، مزيج غريب بين السنجاب واليراعة، عيونه تتوهج بضوء مشاغب. كان يطن حولها، وأجنحته تصدر همهمة ناعمة ولحنية.
"ابتعد! ليس لدي وقت لك"، تمتمت زارا، محاولة التركيز على مهمتها.
لكن المخلوق لم يردعه شيء، كان يشد شعرها ويشم معداتها. "هيه، توقف عن ذلك!" صاحت، وهي تُبعد المخلوق. لكنه بدا أكثر تسلية بمحاولاتها لطرده.
عندما مدت زارا يدها لتلمسه، حدث تحول طفيف في طاقته، تغيير لحظي في لون فرائه حيث لمست أصابعها. رد المخلوق بصوت ناعم، شبه موسيقي، تردد بهدوء في سكون الليل. ضحكت زارا بهدوء، وجدت سلوكه غريبًا ومحببًا في آن واحد.
"أتساءل ما الأسرار التي تخفيها"، تأملت بصوت عالٍ، وهي تربت بلطف على فراء المخلوق. بعد لحظة، أخرجت قطعة خبز من حقيبتها وألقتها في الشجيرات القريبة. قفز المخلوق بحماس نحوها، تاركًا زارا وحدها مع أفكارها.
"لماذا أشعر أن هذه الليلة ستكون طويلة؟" تنهدت، نبرة من القلق تتسلل إلى صوتها.
بعد أن استقرت، بدأت زارا في توثيق ملاحظاتها، مفتونة بالنباتات والحيوانات الاستثنائية المحيطة بها. كل نبات، كل مخلوق كان يبدو وكأنه ينبض بقوة حياة مميزة. هل كان هذا نتيجة لنين؟ الاحتمال أثار فضولها العميق ورغبة ملحة في الفهم أكثر.
عادت أفكارها إلى الرجل الذي قابلته في وقت سابق. كانت القصص عن قدراته متداولة، لكن مشاهدتها بشكل مباشر كان شيئًا آخر تمامًا. ترك انطباعًا قويًا، أنقذ حياتها بقوة لا يمكن إنكارها. ومع ذلك، رغم أفعاله، تركت برودته جرحًا لم تستطع التخلص منه.
رغم محاولاتها لتجاهل الأمر، كان السؤال يلح عليها: "هل يمكنني فعل هذا وحدي؟" همس صوتٌ عميقٌ داخلها بأنها قد تحتاج إلى المساعدة؛ ربما من قبله، سواء كان مستعدًا لتقديمها أم لا.
مستلقية على الأرض، نظرت إلى النجوم، شعرها الأحمر يتلألأ في ضوء القمر، يلقي توهجًا مشعًا حولها. عيناها التركوازيتان، بدتا وكأنهما تعكسان السماء الليلية الواسعة فوقها، بمجراتها ونجومها، كما لو كانت جزءًا من كيانها. في تلك اللحظة الهادئة، شعرت باتصال عميق، شيء يتجاوز فهمها.
أنت تقرأ
مرآة الصياد
Hayran Kurguزارا ماجنيتا، امرأة شابة ومتحمسة، قد غادرت للتو مكتب إسحاق نيتيرو، رئيس جمعية الصيادين المرموق. نظرتها الحازمة وخطواتها الواثقة توحي بأنها امرأة في مهمة. كانت تتجه نحو غابة بعيدة وغامضة، موقعها الدقيق معروف فقط لأكثر الصيادين مهارة وخبرة. بصفتها صيا...