جريمة..

26 3 6
                                    


كانت تسير في ممر طويل ومظلم، لا تعرف من أين تبدأ أو إلى أين ينتهي. الجدران حولها مهترئة، والأرضية الباردة تحت قدميها تئن مع كل خطوة تخطوها. الهواء كان ثقيلًا، كما لو أن البيت العتيق يحبس أنفاسه.

من بعيد، بدأت تسمع صوتًا مألوفًا، لكنه مرعب. صوت يناديها، يحاول الوصول إليها:
'"فرح... فرح...'"
لكن الصوت لم يكن حنونًا بل كان مزمجرًا مليئًا بالغضب وكأن صاحبه مقيد بسلاسل خفية، مسجون في مكان لا تستطيع رؤيته. ارتعشت لكنها استمرت في السير، وكأن قوة خفية تدفعها إلى الأمام، نحو ذلك الصوت.

عندما وصلت إلى باب غرفة والدها القديمة، توقف الصوت للحظة. ثم عاد مرة أخرى، هذه المرة أقوى وأقرب، وكأنه خلف الباب مباشرة.
'فرح! أنقذيني! أخرجيني من هنا!'"

أمسكت مقبض الباب المليء بالصدأ بيدين مرتعشة،لكنها توقفت. كان هناك شيء خاطئ، شيء مرعب خلف ذلك الباب. شعرت بأن الجدران من حولها بدأت تتحرك، تقترب منها ببطء، وكأن البيت يريد ابتلاعها.

"لا تفتحي الباب... لا تفعلي"،همست لنفسها لكن صوت الاستغاثة كان يزداد قوة وإلحاحًا، وكأن صاحبه يختنق خلف تلك الجدران.
'فرح! أنا هنا.....حرريني"
أخيرًا،تماسكت وفتحت الباب ببطء اجتاحت الغرفة رائحة عفنة كأنها عالقة منذ زمن طويل. كانت الرائحة ثقيلة، مختلطة بروائح الرطوبة القديمة والصدأ، وكأنها جلبت معها طعماً مريراً لم يُغسل منذ زمن بعيد. اختلطت نكهة العفن بالدخان الخافت، شعرت كأن الرائحة تُحاول خنقها.
بدت كأنها تستنشق هواءً مشبعاً بروائح الجثث المهترئة التي تجمدت في أعماق الجحيم، هذا الشعور تداخل مع ثقل الهواء الذي كان يضغط على صدرها، مما جعلها توشك على التقيؤ. كانت الرائحة تملأ الغرفة بكل جزء منها..
كان يجلس أمامها بمسافة قصيرة جسده ضخم وملتوٍ ومكبل بسلاسل لامعة غليظة ووجهه أخفاه الظلام أو اتحد مع الظلام لم تعد تدري. حاولت الاقتراب، لكنها شعرت بتوقف قلبها وتقطيع أطرافها.
" من يكون هذا الشخص؟ لماذا يريدني أنا بالتحديد فك قيده"

'ساعديني.. فقط أنت تستطيعين..'

استفاقت فزعة من نومها بعد أن تغير صوته من استغاثة إلى شرٍ شيطانيّ ورأت عيونًا حمراء مشتعلة أمامها
"إن لم تحرريني الآن، ستحترقين معي"

استيقظت وهي بالكاد تستطيع التنفس تحاول تناول المهدء الذي وصفه الطبيب لها،كان الدم يسيل من أنفها ويتصبب العرق من جبينها،لم يكن أول كابوسٍ تراه لكنه الأفظع والأغرب،وحتى أنه الأكثر إخافة

كانت تروي القصة بأكملها لطبيبها وأخبرته بصوتٍ هادئ:
"لم يكن هذا حلمًا عاديًا،كانت الكوابيس تلازمني منذ طفولتي لكن ازدادت منذ أسابيع وبدت أكثر رعبًا وكأن أحدًا يلاحقني،شعرت بأنني عدت إلى البيت القديم أتظن أن هذه رؤيا لها علاقة بذاكرتي المفقودة؟"

نصفي من عالمٍ آخرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن