5

37 3 12
                                    

يجلس ساسكي الصغير، مستندًا إلى الحائط، يردد كلمات الأغنية التي كان يغنيها له إيتاشي بصوته الدافئ، وكأنها تعويذة تخرس مخاوفه:

*"يا صغيري لا تخف، أنا هنا 
في ظلام الليل، سأكون نورك أنا 
أنت في عيني، نجمة لا تنطفئ 
وسأحميك مهما جار الزمن واشتد 
إن رحل الأحباب، لا تبكي يا ساسكي 
قلبي لك حضن، ومهما افترقنا سأبقى 
بجناحي سأظل أحميك دومًا 
وفي صمت الليل، سأسمعك أحلامًا 
فلا تيأس، لن تكون وحدك بعد الآن 
أنا هنا، أخاك، ودائمًا سأكون الأمان."*




هذه الأغنية لم تكن مجرد كلمات بالنسبة لساسكي الصغير؛ كانت ملاذًا، طوق نجاة في بحر مخاوفه. كلما سمعها، شعر بدفءٍ عميق يسري في روحه، وكأن وجود إيتاشي بجانبه يبقى دائمًا، يحميه حتى في الغياب.



يسير شيسوي بجانب عمه فوجاكو، خطواتهما ثابتة كأنما كل منهما يحمل على كتفيه عبء العالم. شيسوي، المساعد السري للهوكاجي، يختبئ خلف قناع الأنبو، حيث لا يظهر وجهه الحقيقي سوى بين ظلال الليل. وفوجاكو، رئيس العشيرة،


يمشي بعزة القائد، وكأن الأرض تطيع أمره. أما إيتاشي، من نخبة الأنبو، فهو يُخفي روحه خلف واجب مرير، يعمل تحت راية دانزو ليس حبًا به، بل حبًا لسلام يطمح إليه، سلام لعالمه، ولشخص واحد فقط، الشخص الذي يسكن قلبه.




يتجه إيتاشي إلى مكتب دانزو السري، خطواته متثاقلة، ليس خوفًا بل ثقلًا من ذكريات المكان. هذه الغرفة... تلك التي تحمل أسوأ ذكرياته


، كأن جدرانها تنطق بالحزن. كيف لا؟ كلما اقترب منها، شعَر بظلال ماضيه تلتف حوله. يصل إلى الباب، يطرق ثلاث مرات، انتظارًا للإذن بالدخول.


حين يسمع الصوت الجاف يأذن له، يفتح الباب ببطء، يتقدم بضع خطوات إلى الأمام، ثم ينحني على ركبة واحدة، رأسه ينخفض بانكسار لكنه يخفي خلفه نارًا من التحدي.



"لقد طلبتني، سيدي؟" قالها إيتاشي بهدوء، وكأن صوته نفسه كان مرآة للصمت الذي يخيم على المكان. دانزو، بصوته الجاف والمملوء بالبرود، أمره بالوقوف. امتثل إيتاشي للأمر دون تردد،


قام ببطء وكأن الهواء من حوله يثقل كل حركة. "تقدم يا فتى"، قالها دانزو، ووجهه الشاحب يعكس تلك البرودة التي تجمد الأرواح.




تقدم إيتاشي بخطوات واثقة، لكن بين كل خطوة وأخرى، كانت الأرض تشعر وكأنها تحتشد بذكريات مريرة. اقترب إيتاشي ليصبح على بعد خطوات قليلة من المكتب، لكن دانزو لم ينتظر


، تقدم هو الآخر، ليقطع المسافة الباقية. يده الخشنة، كيد الزمن نفسه، امتدت وأمسكت بفك إيتاشي، رفعت رأسه نحو الأعلى.



في تلك اللحظة، شعر إيتاشي بالمسافة الحقيقية بينهما. دانزو، بطوله الذي يفوقه كثيرًا، كأنه جبل يلوح في الأفق، ورغم كل شيئ،


كان إيتاشي يعرف أن الروح داخله لا تنحني. عيناه تلتقيان بعيني دانزو، الباردة كصقيع شتاء لا ينتهي، لكن في عمق تلك البرودة، كان إيتاشي يحتفظ بحرارته الخاصة، بحرارة النية التي تحترق داخله من أجل السلام... من أجل شخص واحد فقط، الشخص الذي كان يستحق كل هذا العناء.




"س.. سيدي، طلبت حضوري؟" قال إيتاشي بصوت خافت بعد أن تراجع بخطوات بطيئة إلى الخلف، وكأن كل خطوة تبعده قليلاً عن قسوة دانزو. كان قلبه ينبض بسرعة، ليس خوفًا من الرجل الجالس أمامه، بل من ذلك الشعور الخفي الذي يحيط بكل شيء يتعلق به. دانزو، بعينين كالثلج البارد،


عاد إلى مكانه بهدوء، كأنه سيد الظلال التي تلتف حوله. لا يظهر على وجهه أي تعبير، لكن إيتاشي كان يعرف أن ما يختبئ خلف تلك الملامح الهادئة هو أمر آخر تمامًا.



دانزو، ذلك الرجل الذي يجيد التلاعب بخيوط القدر كأنه عرّاب الظلام، كان يخفي خبثًا وراء كل كلمة ينطقها. إيتاشي يستطيع أن يشعر بذلك السم الذي يتسرب من حديثه، تلك المخططات الملتوية التي لا يرى أحد نهايتها.


كان يعرف أن دانزو لا يتحرك إلا بدافع الطمع في القوة، في السيطرة على كل ما حوله، حتى لو تطلب الأمر التضحية بمن حوله.



في كل مرة يتحدث فيها إيتاشي إلى دانزو، كان يشعر بأن هناك نية خفية، كمصيدة تكاد تطبق عليه من كل زاوية. عيناه لا تملكان الشفقة ولا الرحمة،


بل تحاولان دائمًا البحث عن تلك الثغرة الصغيرة التي يمكن أن يستغلها.



إيتاشي يكره أن يُلمَس، وكأن لمسات الآخرين تحمل معها الذنوب والخطايا، وكأن جسده كان ملاذًا للطهر الذي لا ينبغي أن يُدنس. لكن كل هذا الشعور بالكره يتلاشى عندما يتعلق الأمر بساسكي،


ذلك الكائن النقي الذي ما زال يحمل في عينيه بريق البراءة الذي يخشى إيتاشي أن يفقده يومًا.



لكن إيتاشي، على الرغم من كل هذا، كان يكره شعور التلامس الجسدي أكثر من أي شيء آخر.


كره أن يمسك به أحد، كره تلك الأيدي التي تحاول أن تستغله، وتدفعه إلى طريق لم يختره. كلما لمس دانزو شيئًا منه، كان يشعر كأن الخبث يتسرب إلى جلده، وكأن أثره يلتصق به، يلوّث نقاء روحه التي لا يريد أن يدنسها.



ومع ذلك، كان هناك شخص واحد فقط يستطيع أن يمسّ هذا النقاء دون أن يخدشه، شخص واحد يثق به بكل كيانه... ساسكي. إيتاشي كان يحفظ براءة شقيقه الصغير في قلبه ككنز،


وكان مستعدًا أن يحميه بأي ثمن. أما دانزو، فكان يمثل النقيض تمامًا، الخطر الذي قد يدمر كل شيء إن أتيحت له الفرصة


763 كلمات

ادري ذي الفصول قصيره بس حاليا علي اختبارات 💔🌚

المهم
بعد ذا الفصل كلها بتصير الآلاف الكلمات💓.

الغراب الصامت حيث تعيش القصص. اكتشف الآن