10

16 2 0
                                    

كان ساسكي يجلس في غرفته وحيدًا، وسط سكون الليل الثقيل الذي يكاد يطبق على أنفاسه. لم يكن بحاجة إلى مزيد من الصمت؛ فقد كان هناك صوت واحد يصدح في رأسه على الدوام، تلك الكلمات التي نطق بها أخوه الأكبر، إيتاشي، قبل أن يختفي إلى الأبد: "أعدك يا صغير، سأبقى بقربك مهما كان الثمن."

تلك الكلمات، في ظاهرها، وعدٌ بالحب والحماية. لكنها كانت كابوسًا مستمرًا يلتف حول قلبه مثل الأفاعي، يجعله يتساءل: لماذا لم يبقَ؟ لماذا غادر؟ لماذا خان كل وعوده؟ حاول ساسكي في مراتٍ عديدة أن يعيد تخيل المشهد، أن يفهم معنى تلك النظرة الأخيرة التي ألقاها عليه إيتاشي. لكن كل محاولة كانت تنتهي بالفشل، كأن الحقيقة نفسها ترفض أن تُكشف له.

"العالم ليس سيئًا، أعطه فرصة واحدة وسترى." هذه الجملة كانت تطن في أذنيه الآن كما لو كانت مجرد سخرية. كيف يمكن لعالمٍ شهد فيه أسوأ أنواع الخيانة أن يكون غير سيئ؟ كيف يمكن لهذا العالم أن يمنحه أي فرصة بينما أخذ منه كل شيء؟.

نظر ساسكي من نافذة غرفته، إلى السماء الرمادية المتلبدة بالغيوم الثقيلة. في الأسفل، كان يرى الأشخاص يتوافدون إلى منزله. لم يكونوا أصدقاءً أو جيرانًا؛ كانوا زعماء العشائر، أقوى وأغنى الأشخاص في الأرض. جاءوا لتعزية والده، أو بالأحرى، لتبادل الابتسامات المصطنعة والكلمات الجوفاء.

سمع صوت والده، فوغاكو، يرحب بهم بحفاوة ولباقة. "أهلاً وسهلاً، شرفتمونا." كان صوته عميقًا وواثقًا، يحمل نبرة الزعيم الذي يتقن فنون الدبلوماسية مثلما يتقن فنون القتال. سمع ساسكي أصوات الأطباق الفاخرة التي تُقدم، والنكات الباردة التي تُلقى في الهواء.

تلك الأطعمة اللذيذة... كم مرة تمنى ساسكي أن يتذوق منها؟ كم مرة جلس إلى مائدة فارغة، ينتظر أن ينال حتى كسرة خبز؟ كان والده يضع أمام ضيوفه أغنى وأشهى الأطعمة، لكنه يمنعه هو من مجرد التذوق.

شعر بالغصة تتصاعد في حلقه، لكن دموعه لم تسقط. لم يعد يبكي، أو ربما لم يعد يعرف كيف يبكي.

مرّت ساعات طويلة بطيئة وكأن الزمن نفسه قد قرر أن يتوقف. كان الليل قد أسدل ستاره الأسود على الكون، والهدوء الذي خيم على المنزل لم يكن هدوءًا مطمئنًا، بل كان مريبًا وكأن شيئًا مروعًا على وشك الحدوث. كانت أصوات القادة لا تزال تملأ أرجاء البيت كأشباح تحوم حوله، يناقشون أمور الحرب والسياسة وكأنما ساسكي لم يكن موجودًا، وكأن وجوده كان هامشيًا في عالم لا يعترف بوجوده.

أمره والده، فوجاكو، أن يبقى مستيقظًا. لم يكن يعلم السبب، لكنه لم يعترض، فكيف يمكن لطفل أن يرفض أمرًا صادرًا عن زعيم عشيرة، عن والده؟ لقد اعتاد أن يكون مطيعًا، أن يكون الظل الذي لا يُرى ولا يُسمع. جلس في غرفته، يستمع إلى تلك الأحاديث الطويلة التي لم تعنِ له شيئًا، ولكنه شعر بها كأنها سكاكين تُطعن قلبه. كل كلمة نُطقت كانت تزيده بعدًا عن هذا العالم.

الغراب الصامت حيث تعيش القصص. اكتشف الآن