12

27 4 31
                                    

كان ساسكي يجلس وحيدًا، عيناه تحدقان في الأفق البعيد، الأفكار تتزاحم في ذهنه كالأمواج العاتية. كيف للزمن أن يمر بهذه السرعة، وكيف تحولت حياته من براءة الطفولة إلى هذا الصمت الثقيل؟ صورة والديه لا تفارق مخيلته، ووجه أخيه إيتاشي يطل في ذاكرته بين الحين والآخر، متجمدًا بين الذنب والحنين.

لقد قتل إيتاشي والديه، قتل كل شيء كان يعني شيئًا في قلبه، ثم رحل وتركه غارقًا في بحر من التساؤلات والضياع. والآن، الهوكاجي يحدثه بكلمات غريبة، كلمات لم يكن لها معنى في عقله المشوش. هل أخطأ بحق أحد؟ هل هو المسؤول عن الألم الذي يحيط به؟

لقد حاول أن يجد معنى لهذه الحياة، ولكنه ما زال يشعر بالفراغ، وكأن كل شيء حوله فقد لونه. كلما حاول أن يهرب من ظله، وجد أنه يطارده، يذكره بماضٍ لا يمكنه الهروب منه.

كان الوقت يتوقف في لحظات كهذه، وكأن العالم من حوله لا وجود له، سوى لنبضات قلبه التي تعيد إليه نفس السؤال مرارًا وتكرارًا: "لماذا؟"

هو يجلس في ركنٍ مظلم، بين جدرانٍ تعرف كل أسراره، لكن لا يسمعها أحد. كان يتمنى أن يصرخ، أن يمزق الصمت الذي خنقه منذ تلك اللحظة المشؤومة. منظر والديه، الهلع في أعينهم قبل أن يفارقوا الحياة، محفور في ذاكرته كجروح لا تلتئم.

لم يكن يريد الصمت، لكنه أصبح رفيقه. كلما حاول أن ينطق، تخنقه الذكريات، كأن لسانه قد عُقد بيد الماضي. أصبح آخرسًا،  لأن صوته تلاشى،  لأن الألم سلب منه القدرة على التعبير.

كان ساسكي، ذو الست سنوات، يقف أمام الهوكاجي، محاطًا بجدران المكتب الشامخة التي بدت وكأنها تضيق عليه شيئًا فشيئًا. لم يكن يعلم ذنبه، لكنه كان يعلم أن الحياة كما يعرفها قد انتهت. عيناه الصغيرتان تحدقان في الأرض، فيما كان قلبه ينبض بالخوف والحزن. لم يكن يريد العودة إلى المنزل، لم يكن يستطيع مواجهة الفراغ الذي خلفه موت عائلته. الذكريات تتدفق كالنهر، لا تتوقف، لا تتركه ينسى.

عندما سمع الهوكاجي يأمر تابعه بأن يعيده إلى منزله، ارتجف قلبه. "لا أريد!" أراد أن يصرخ، لكن الكلمات علقت في حلقه. العودة إلى المنزل كانت تعني الغرق في الماضي، تذكر ملامح والديه، ضحكات إيتاشي التي اختفت للأبد. رفع عينيه الباكية نحو الهوكاجي، وهز رأسه برفض صامت.

لاحظ الهوكاجي تردده وهمسه الخفيف، فتنهد وقال: "لا بأس يا ساسكي، هناك أملاك للأوتشيها في كل مكان. سأجعلك تعيش في أحدها."

ثم رفع الهوكاجي يده، فجاء أحد الأنبو واقترب بانحناءة احترام للهوكاجي وقال: "أمرك سيدي." أومأ الهوكاجي وأمره بهدوء: "خذه إلى أحد أملاك عشيرته."

كانت تلك الكلمات كالسيف الذي شق الصمت، لكن ساسكي لم يعد يشعر بشيء. كان مجرد طفل صغير، تائه في عالم كبير مليء بالظلام، يبحث عن بصيص من النور لكنه لا يجده. كل ما تبقى له هو الصمت، وذكريات عائلته التي لن تعود.

الغراب الصامت حيث تعيش القصص. اكتشف الآن