13

13 1 8
                                    

مرَّ يومان منذ تلك الحادثة المروّعة، وساسكي يجلس الآن في غرفته على حافة السرير، يحدّق بالسقف وكأن السواد الذي يراه قد صار جزءًا من روحه. هذا السقف الذي كان يومًا يحجب عنه السماء، أصبح اليوم سقفًا لعالم فارغ، لا حدود له سوى الألم. عيناه، التائهتان في هذا الفراغ، لا تبحثان عن أجوبة ولا حتى عن أسباب. ربما كان في يومٍ ما يفكر في الانتقام، في العدل، في الصراع مع القدر الذي خذله مرارًا وتكرارًا. لكن الآن... لا، ليس هناك شيء.

لا غضب ولا كراهية. لا ذكريات ولا آمال. ساسكي لم يعد يريد أن يحمل هذا العالم على كتفيه، لم يعد يشعر بالوزن أصلاً. كل ما كان يعنيه، كل ما اعتقد أنه يجب أن يكافح من أجله، تلاشى مع أصوات صرخات من كان يعرفهم. ليس هناك حزن شديد، فقط فراغ ساحق... رغبة عميقة في أن يتوقف كل شيء.

الموت... تلك الفكرة التي لم تكن تشغله في الماضي، صارت الآن تُلاعب أطراف وعيه. لا يفكر في كيف ولا متى، بل فقط في النهاية. أن ينتهي كل شيء، أن يسدل الستار على هذا الفصل القاتم. لم يعد يفكر فيما ظلمته الحياة، أو في اليد التي سلبته كل شيء. بل الحقيقة الوحيدة الآن هي أنه لا يريد الحياة ذاتها.

الجدران حوله، تلك التي كانت شاهدة على أحلام الطفولة، صارت شاهدة على العذاب، على الوحدة التي تملأ كل زاوية وكل ركن. ساسكي لا يتمنى شيئًا. فقط الصمت... والظلام
في قلب الليل، كانت الرياح تعصف بالخارج، كأنها تندب الحزن الذي خيم على المكان. قصر كبير، شاسع الأرجاء، مظلم كأنه مهجور منذ قرون، رغم أنه ما زال مأهولًا بشخص واحد... أو ربما بشبحه. ، الجالس في غرفته المعتمة، لم يكن يدري ما يحدث حوله. مرّ يومان منذ آخر مرة نهض فيها عن سريره، ويبدو أن العالم قد توقف عن الحراك من حوله. حتى مشاعره قد هدأت، لم يعد هناك ألم كما كان في البداية، فقط فراغ بارد يحتل قلبه.

كان السقف أعلاه مظلمًا، بلا لون ولا حياة، ولكنه كان انعكاسًا دقيقًا لعينيه الغائمتين. لا شيء يتغير، لا شيء يتحرك. أفكاره توقفت عن الدوران في دوامة الغضب والانتقام. حتى الفكرة التي كانت تشغله دائمًا - الانتقام من شقيقه - تلاشت. الموت... فقط الموت الآن هو الذي يسيطر على ذهنه. ليس الموت الذي يخشاه الناس أو يتجنبونه، بل ذلك الموت الذي يُرحب به كصديق قديم، يدعوك للراحة من أوجاع الحياة.

في هذا الصمت الثقيل، كان هناك صوت طفيف، خافت بالكاد يُسمع: طرقات على الباب الرئيسي للقصر. كانت الطرقات بالكاد مسموعة، لكن الصمت المحيط جعلها تبدو كأنها تطرق أبواب السماء. ومع ذلك، لم يتحرك ساسكي. عقله كان أبعد من أن ينتبه أو يهتم. حتى لو كان الطارق لصًا جاء ليسرق ما تبقى في هذا المكان المنسي، فليأخذ ما يشاء. لم يعد هناك شيء ذو قيمة بالنسبة له. حتى القصر نفسه، الذي كان يومًا شاهدًا على مجد العائلة، بات أشبه بمقبرة ضخمة تضم أحلامًا ميتة.

الغراب الصامت حيث تعيش القصص. اكتشف الآن