8

45 2 59
                                    

استفاق ساسكي على غموض الصباح، الأرض من تحته باردة كأنها تلامس قلبه المثقل، وعيناه تبحثان في الظلام عن وجه أخيه


، لكن إيتاشي لم يكن هناك ليحمله بين ذراعيه، لم يكن هناك ليبتسم في وجهه ويطمئنه أن كل شيء سيكون بخير. تململ في فراشه، كما لو كان يبحث عن دفء مفقود، دفء كان إيتاشي وحده يمنحه إياه.




البرد تسلل إلى قلبه كما تسللت إليه تلك الأفكار المزعجة، شعر بغربة لا يفهمها، كأن المكان لم يعد يحتضنه كما اعتاد. نهض من فراشه،


بخطوات صامتة، خائفًا من أن يستيقظ والده فوجاكو الذي لطالما كان صوته يُرهب البيت بأكمله. تسلل بخفة، متجهًا نحو الحمام، وكأن ما يفعله سر عظيم، كأن الخوف قد بات جزءًا من تفاصيل حياته اليومية.



جلس ساسكي في حوض الاستحمام، الماء الساخن ينساب على جسده الصغير، لكن الدفء الذي كان يبحث عنه لم يكن في الماء. كل شيء حوله، حتى الماء المتبخر من حوله، يذكره بإيتاشي


. إيتاشي الذي كان حاضرًا في كل تفاصيل حياته، كيف يختفي بهذه السهولة؟ لماذا كل شيء من حوله الآن يفتقد روح أخيه؟ هل هذه لعنة؟ هل هذا العالم القاسي يكرهه إلى هذا الحد؟



غرق في تلك الأفكار حتى لم يعد يشعر بمرور الوقت. جسده الصغير ملتصق بجدران الحوض، كأنه يحاول الهرب من الواقع. وبينما كان يستعد للخروج، سمع صوتًا يكسر السكون الذي كان يغلف البيت،


صوت بكاء خافت، لكنه حاد كالسيف في أذنيه. كان يعرف هذا الصوت، إنه صوت والدته ميكوتو. قلبه انقبض فورًا، كانت تبكي بحرقة، بكاءً ليس كالبكاء العادي. شعر بأن شيئًا سيئًا قد حدث.





خرج ساسكي من الحمام، مترددًا، وقف خلف الباب يستمع. أصوات غريبة في المنزل، أصوات نساء ورجال لم يكن معتادًا عليها. كتم أنفاسه،



يداه ترتجفان وهو يستمع إلى ما يدور في الخارج. الكلمات كانت متناثرة، غير واضحة، حتى سمع صوت والده فوجاكو، صوته الذي طالما ارتعدت له أركان المنزل.


"علينا أن نسرع في دفن إيتاشي قبل الغروب."

الكلمات ضربت ساسكي كالصاعقة. "دفن إيتاشي؟" تردد صدى تلك الجملة في عقله. ماذا يقصد والدي؟ إيتاشي... مات؟ لا، مستحيل، لقد وعدني بأنه سيعود. كيف يمكن أن يموت إيتاشي؟ كيف يمكن أن يختفي بهذه السهولة؟ من يستطيع أن يقتل إيتاشي؟ أخي... قوي، طيب... لا يفتعل المشاكل. لا، هذا غير صحيح. الجميع يكذبون.



تسللت دموع باردة إلى عينيه، لكنه لم يخرج من مكانه، كأن شيئًا قد جمده في مكانه. الصدمة سيطرت عليه، الحزن لم يكن وصفًا كافيًا لما شعر به في تلك اللحظة. خرج ببطء من غرفته،

الغراب الصامت حيث تعيش القصص. اكتشف الآن