15

9 2 0
                                    

كان الليل هادئًا، والسماء كأنها بحرٌ من أحلامٍ نائية، ترقص فيه النجوم على لحنٍ سريٍّ لا يسمعه سوى أولئك التائهين. ساسكي كان هناك، يقف كتمثالٍ منحوتٍ من الوحدة. لم يكن يبكي، فلم يعد للدموع مكانٌ في قلبه المتحجر. لكنه كان يتخيل.

نعم، كان يتخيل. يتخيل أن هناك أصدقاء يلتفون حوله، يبتسمون له ابتسامات دافئة لا يعرفها، يملؤون ذلك الفراغ الذي تآكل داخله على مر السنين. كان يتخيل أن لديه عائلة، عائلة حقيقية، ليس عائلة أُخذت منه بيدٍ آثمة، وإنما عائلة حضنته بحبٍ دون أن تطعنه في الظهر.

كل ما كان لديه هو الخيال. مجرد أحلامٍ، نسيجٍ من الأكاذيب التي ينسجها في ذهنه كلما حدق في السماء المرصعة بالنجوم، كأنها تضحك عليه، تهزأ منه، تخبره أن كل هذا الوهم لن يصبح يومًا حقيقة. كيف يمكن أن يُصادقه أحد؟ أيعقل أن يُصادق الموتى؟ لقد رحلوا جميعًا، تاركين وراءهم شبحه الذي يطارد ذاته المكسورة.

"من يصدق أن هذه الحياة مجرد وهم؟" هكذا تمتم ساسكي لنفسه، وقد انعكست صورة ناروتو، ذلك الفتى المتفائل الساذج، على صفحات ذهنه. ناروتو ورفاقه، تلك العائلة التي لم يعرفها ساسكي إلا في خياله. لم يرَ من والده إلا الألم، لم يرَ من العالم سوى الظلام. وكأن السماء نفسها كانت تقول له: "ليس لك مكان بيننا."

مشى ساسكي نحو سريره بخطوات مثقلة، وكأن الأرض نفسها ترفض حمل جسده المرهق. لم تعد هناك رغبة، لم يعد هناك شيء يستحق القتال من أجله. الحياة بالنسبة له أصبحت مجرد روتين بارد، يكرر نفسه كل يوم كأنها عقوبة أبدية. طفل لم يعرف يومًا طعم السعادة، من يراه الآن سيجزم بأنه قد رأى بأم عينه شبحًا تجسّد من أعماق الجحيم.

"أليس الأمر مضحكًا؟" تمتم بينه وبين نفسه بسخرية. طفل كان يجب أن يحظى بحبٍ وأمان، لكن بدلًا من ذلك، عاش في بيتٍ كان والده يلقنه فيه دروسًا في القسوة. دروسًا لا تُنسى، جروحًا لا تلتئم. والدته؟ كانت موجودة، نعم، لكنها لم تحرك ساكنًا، وكأنها كانت مجرد ظلٍ يراقب بصمت، بلا دفاع، بلا حماية.

وأخيه؟ آه، الأخ الذي كان يمثل العالم كله بالنسبة له. الأخ الذي كان يراه كل شيء... قتل العشيرة بأكملها ثم تركه وحيدًا، مجرد طيفٍ يطارد بقايا الماضي في منزلٍ ميت، منزلهما، الذي تحول إلى قبرٍ يجمع فيه ذكريات الموت والخيانة.

"لماذا لا تضحكون؟" همس بصوت متهدج، وهو يرمي جسده على السرير. "أليست حياتي نكتة جيدة؟ أم أنني ببساطة لا أملك حس الفكاهة بعد الآن؟"

لقد ظن للحظة أن كل شيء كان مجرد مزحة كبيرة، لكن مع كل يوم يمر، أدرك أن تلك النكتة كانت أسوأ ما سمعه في حياته. نكتة لم يضحك عليها أحد، إلا القدر نفسه، يضحك من بعيد، يراقبه وهو يغرق في هذا المستنقع الذي لا مخرج منه.

في مكانٍ آخر، بعيدًا عن عتمة حياة ساسكي، كان هناك طفل لم يتجاوز السادسة من عمره، مختبئًا في أحضان والدته، يبكي بحرقة على صدرها. دموعه الصغيرة تتساقط على وجهه البريء، وعيناه تتوسلان الإجابة: "لماذا أبي ضربك؟"

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Oct 07 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

الغراب الصامت حيث تعيش القصص. اكتشف الآن