أفضل حل...التغيير

20 4 2
                                    

جهز عمر نفسه ليواجه عمته في المحاكمة ، و التي تدعي أنّ عمر و أمه يخفون حقيقة أن أملاك أب عمر باسمها و أنهم لها ، و قد قالت مسبقاً في إحدى النقاشات الحادة بينها و بين أم عمر و التي حضرها عمر :
" حتى لو زوجك لم يكتب الأملاك باسم أحد فهي لي ، لأنه وعدني أنه سيكتبها باسمي أنا ، فهو يفضلني عليكم."
لذا ، فهي تفعل كل شيء لجعل الممتلكات لها.
لكن عمر اليوم سينهي كل هذا بالأوراق التي معه ، و هي الدليل أن أب عمر كتب الأملاك هذه باسم شخص و هو ليس عمته ، هو شخص لم يتوقع عمر حتى أن أباه سيكتب الأملاك له ، بل و قد انهمرت دموعه بمعرفته بهويته.
بدأت المحاكمة ، و قد تناول الطرفين النقاش ، حتى رفع عمر الأوراق التي معه و قال :
" هذه ستحل كل الذي بيننا ، أطلع عليها أيها القاضي."
مشى عمر من مكان جلوسه لناحية القاضي و أخذ القاضي منه الأوراق ، تمعن بها ثم قال :
" فعلاً ، هذه الأوراق مصدقة و حقيقية ، أنتي تكذبين سيدتي ، ففي هذه الأوراق قد قيل أن الأملاك التي تتحدثين عنها تعود لعمر أبو الرُّب و ليست لأخاك كما تعدين و لا حتى لك.
لكن من عمر أبو الرُّب ؟"
يجيبه عمر :
" أنا سيدي."
" أنت ؟!"
انصدم القاضي و الجميع أيضاً انصدم ، أخ عمر و أهل أبيه و حتى أم عمر انصدمت بمعرفة ذلك.
" انتهى الأمر إذاً ، الأملاك للسيد عمر و لا نقاش في الموضوع."
" يمكن تزوير كل شيء هذه الأيام ! كيف تصدق بهذه السرعة ؟"
" و ما دليلك على كذبه ؟ أريد دليلاً حقيقياً سيدتي."
سكتت ثم قالت :
" أثبت لي أن الأوراق حقيقية."
" حسناً ، كما تريدين ، سنقوم بفحص الأوراق."
و بعدها تبين أنها مصدقة و حقيقية.
" و كما قلت انتهت الجلسة."
و ضرب القاضي بمطرقته على الطاولة.

عند عودة أهل عمر من المحكمة ، أخ عمر كان مستاء ، كل خططه و تضحياته بأت بالفشل ، قد خطط هو و عمته لذلك ، نعم كان سيكون له حصة من الأملاك إن أستطاعت عمته الاستلاء عليها لأنه سيكون له يد في ذلك ، لكن بعد كل هذه السنين فشل ، هو كان سبب فقر أمه و سوء حال أخيه المادية ، لأنه بسببه بدأ من الصفر حياته منذ الثامنة عشر ، لو أنه لم يحاول إخفاء هذه الحقيقة منذ زمن طويل لما حصل كل هذا مع عمر و أمه.
و حقده على أخيه كان لا يوصف ، الشرار ينطلق من عينيه من قوة الحسد و الغيرة و قد أحس عمر باللهيب الذي بداخله ، حتى تدخل طرف ثالث بينهم و قاطع لحظات الصمت التي بينهم ، نعم إنها أمهم التي كانت غاضبة جداً من أخ عمر الكبير ، فضلته و مدحته ، صدقت كلامه السيء عن عمر ، صدقت ألعابيه و أكاذيبه ، و الآن بعد كل ما حدث عرفت بالحقيقة ، عرفت لما زوجها المتوفي قد قال لها هذه الجملة و التي ترن في أذانها كلما رأت ابنها الأصغر عمر :
" هو يستحق حبك ، هو ليس كما يقول عنه أخاه ، أنا أعرفه و هو سبب من أسباب نجاحي في هذه الحياة ، حبه لي يساوي الدنيا كلها بالنسبة لي ، و أنا لا أمانع بالتضحية بكل شيء لدي من أجلكم و أجله."
أب عمر أحبه بشدة ، كان يرى فيه السلام و الحب و يرى أنه مميز عن بقية الصبية ، فهو لم يكن طيب و حسب ، بل ذكي و قد ساعد أباه كثيراً و اقترح له حلولاً للعديد من مشاكله الصغيرة و الكبيرة ، كان يشبهه ، يشبهه في نظره ، و حتى بسلبيات ، ما لا يعرفه عمر أن أباه الذي يعتبره قدوة في الحياة ، الشخص الذي كان يطمح أن يكون مثله ، يعاني من كره نفسه أيضاً ، و أحب عمر لأنه حرره من هذه الدوامة ، كما فعل عبد الله مع عمر تماماً ، لذا فهو مميز عنده.
تقول أم عمر لأخيه :
" لما فعلت هذا ؟ لما كنت أنانياً معنا ؟ هل تظن أننا سننساك بسبب المال ؟"
" نعم ، أخي سيفعل هذا ! سينساكي و ينساني ! فهو كهذا دائماً."
رد عمر :
" أريد أن سألك سؤال ؟ في كل فترة حياتي و التي كنت فيها أعاني و أنت تمتلك مال الدنيا بين يديك ، تذكرتني ؟ سألت عني ؟ و أيضاً فكر ، حاولت أن أستغلك ؟ أو أخرب حياتك ؟
لا ، لم يحدث شيء كهذا ، و كذلك الآن ، أنا لن أدع أي شيء يغير مبادئي مهما كان ، و امتلاكي للمال لا يعني أنني سأنساك ، لكن بنظري أنت لا تحتاج لمال إضافي ، لكن إن أحتجت لن أقول لك لا ، سأكون دائماً بجانبك ، و بالنسبة أشكرك ، على الأقل تذكرت أمي و ساعدتها و لم تحرمها من شيء و هذا يثبت أنك ابن جيد ، لكن حاول التخلص من وساويس أهل أبي ، لا تكن طماع مثلهم و تنسى من أحبك."
" أنت تحبني أصلاً ؟"
" لو أنك أظهرت لي الحب لبادلتك نفس الشعور ، لكن لم يحدث بيننا شيء منذ سنوات عديدة ، فلم يكن لدينا الفرصة لإصلاح ما بيننا ، و أدعوك إلى إصلاح ما بيننا."
" سأرى بخصوص هذا الأمر ، فلدي ما أفعله."
" حسناً كما تريد ، أعدك لن تندم."
" حسناً كوني ابن و أخ جيد ، سأوصلكم بسيارة للبيت ، و هذه المرة سأوصلك مع أمي."
تقول الأم :
" كان يجب أن تتذكر أخاك من البداية."
" مثل ما قال ، كنت أصدق أكاذيب أناس أخرين و لم تصح فرصة بيننا لنلتقي."
تقول أم عمر له في السيارة :
" أريد الحديث معك في موضوع فهل تبقى عندي ؟"
" طبعاً أمي و لما لا."
يرد الأخ :
" إذاً سيوصلكم السائق فقط لبيتك أمي."
" حسناً."

وصلا للبيت ، جلسا في الصالة و أعدت أمه لهم الشاي ، تربع عمر على الكنبة و سأل أمه :
" إذاً ما هو الموضوع الذي كنتي تريدين إخباري به ؟"
" أريد الاعتذار منك على كل ما حصل معك بسببي ، لو أنني عرفت كيف أتصرف حينها و فعلت ما فعلته الآن سابقاً لما كان هذا كله ليحدث معنا."
" لا تقلقي أمي و لا تعتذري مني ، أنا من كان يجب أن يحل تلك المشكلة باكراً ، و حصل ما حصل ، أنا لست مستاء منك أبداً."
" و لا بأي شكل كان ؟ راقبت حالك و راقبت تصرفي معك كنت سيئة و لا أريد تكرار هذا معك."
" أتفهم وجهة نظرك ، و لا ، أنا لست مستاء منك أبداً ، أحبك أمي ، و لن يؤثر ما حصل معنا على حبي لك."
تنظر له أمه بأعين فرحة ، يذكرها بزوجها كثيراً ، لا تعرف تبكي دموع الفرح و الحزن بعد كل ما حدث ، لكنها تحمد ربها أنها لديها الفرصة لإصلاح كل شيء و المتابعة من جديد ، تحمده لأنّ لديها فرصة للتغيير...
" و أنا أحبك أيضاً عزيزي."
و يكملا الحديث و ضحكاتهم تملأ المكان ، و طمأنوا على أخيه كذلك و كان كل شيء بخير.
بعد هذه الجلسة الجميلة ، عاد عمر سعيداً ، كل شيء عاد إلى مسراه الطبيعي و هذا ما أراده ، و الآن سيبدأ يوم جديد مستعداً لتحسين حاله و حال عائلته بما له من أملاك الآن ، كي يخلص من كل ما كان يضيق عليه حياته.

استيقظ في اليوم التالي ، و المفرح بهذا اليوم أنه عطلة عمل و دراسة بنفس الوقت ، و هو الوقت المثالي ليبشار بخطته.
و هو يتناول الفطور يتصل عليه شخص من رقم غريب ، يستغرب ، و يفكر :
" أجيب أو لا ؟
حسناً سأجيب ، ربما شيء مهم."
يسمع صوت يعرفه حق المعرفة ، صوت اشتاق لسماعه منذ سنوات ، و يقول له :
" أخيراً تذكرت رقمك ، من الجيد أنك تتحفظ بنفس الرقم منذ سنوات."
" عدت من السفر ؟!"
" نعم و أحتاجك في أمر طارئ ، قابلني في **** بعد ساعتين."
" حسناً ، أراك إذاً."
نتبع في الجزء القادم ✨

I just hate myself | أنا فقط أكره نفسيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن