"2" «طلب مُخجِل»

190 15 28
                                    

احذري، يا فتاتي من محادثة الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي؛ لأنهم قد يطلبون منكِ أشياء تُسبب لكِ الخجل المُفرط، وأنتِ في غنى عن ذلك الهراء.

ظلت (كاتي) تنظر لتلك الرسالة بفمٍ مفتوح وعينين جاحظتين أثر الصدمة التي اعترتها، وكأن تلك الصدمة شلت يديها وعقدت لسانها فلم تستطع أن تكتب أو تتحدث، وظلت على تلك الحالة لمدة دقائق حتى استجمعت قواها ونظرت نظرة أخيرة على هذه الرسالة التي كانت مضمونها " ابعتيلي صورة بهدوم البيت وبشعرك، يعني من غير حجاب "
فكتبت له بيد مُرتجفة ودموعها تنهمر
على وجنتيها:
- ترضاها لأختك؟

حك (آسر) ذقنه بتوتر، يحاول إخفاء ارتباكه خلف الكلمات الجافة، ثم بعث لها ببرود:
- إيه دخل أختِ في الموضوع؟

كانت (كاتي) تجلس في زاوية غرفتها، تمسح دموعها المتناثرة بيد مرتجفة، تحاول السيطرة على مشاعر الغضب والحزن المتصاعدة بداخلها. عيناها لا تفارقان الشاشة وهي تكتب له بعنفوان ممزوج بالألم:
- أنا بسألك، ترضاها لأختك؟ يعني عادي لو أختك تبعت صورتها بشعرها لواحد غريب زيك؟

انزعج (آسر) من إصرارها على الموقف، زفر بضيق واضح وكأنه يحاول التهرب من الحقيقة، ثم كتب:
- يعني هتبعتيها ولا لا؟

شعرت (كاتي) بالاشمئزاز يتصاعد في حلقها وهي تنظر إلى الهاتف، غير مصدقة أن من تحادثه هو نفسه الشخص الذي ظنته محترمًا في البداية. ضغطت على الكلمات وكأنها تريد صفعه من خلالها:
- رد على سؤالي الأول! لو ترضاها لأختك، هبعتهالك.

كتب (آسر) هذه المرة بغضب متزايد، يداه ترتجفان على لوحة المفاتيح وكأنها انعكاس للغضب الذي يحاول كبته:
- أنا مليش دعوة بأختي، هتبعتي ولا لا؟!

شعرت (كاتي) أن صبرها قد وصل إلى نهايته. كادت أن تحطم الهاتف بين يديها من شدة انفعالها. تلك اللحظة أدركت أن لا شيء يمكن أن يجعلها تستمر في هذا الحوار السخيف مع هذا الشخص الذي صار بالنسبة لها الآن مجرد وغد. كتبت له بحزم، وكأنها تلقي عليه آخر كلماتها قبل أن تغلق الباب للأبد:
- لا طبعًا، مش هبعت حاجة. ولو سمحت متكلمنيش تاني، أنا مش عايزة أعرفك أساسًا.

داخل رأس (آسر) بدأت العاصفة. ضرب جبينه بيده وهو يلعن غباءه بصوت مسموع:
- يخربيت غبائي! البت هتطير مني!

حاول إصلاح ما أفسده، فكتب لها بسرعة وكأن كلماته قد تنقذ ما تبقى:
- لا خلاص، مادام مش عاوزة تبعتي مش مهم. بس ليه مش هتكلميني تاني؟!

لكن كانت (كاتي) قد تجاوزت نقطة العودة. الغضب الذي كان يسكنها انفجر في وجهه عبر الكلمات التي كتبتها بيدين ترتجفان من الانفعال، وجهها احمر من شدة الغضب:
- عشان أنت قليل الأدب، وخسارة تربية أهلك فيك. فاكر بنات الناس لعبة، يا قذر؟!

انفجرت أعصاب (آسر) حين قرأ كلماتها. وضع كوب الشاي بقوة على الكومود، وكاد يكسره من شدة الضغط. حاول جاهدًا أن يتمالك غضبه، لكن كل كلمة منها كانت تطعنه في كرامته. كتب لها بصوت مكتوم من الانفعال:
- أنتِ بتغلطى فيا كمان؟ أنتِ اتجننتِ ولا إيه؟!

♕المسافة بيننا♕ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن