تحت وطأة الشمس الحارقة، كانت خطواتهما تزداد اضطرابًا على الأرض الجافة، وكأنها تعكس توتر اللحظة. صوت خطوات الرجل خلفهما صار أكثر وضوحًا، وكأنه يطارد أنفاسهما المتهالكة. كان (آسر) يشعر بالضغط يتزايد في صدره مع كل خطوة يقترب فيها الخطر. كان يعرف جيدًا أن الهروب معًا، بهذه السرعة وهذا الإرهاق، قد لا يكون خيارًا ممكنًا. فجأة، وبدون تفكير طويل، شدّ يد (كاتي) وأوقفها.
- كاتي! صوته جاء مليئًا بالحزم، لكنه حمل معه لهفة ورغبة في حمايتها بأي ثمن.نظرت (كاتي) إليه، عيناهما كانتا مرآة لبعضهما؛ هي تحمل الخوف والتردد، وهو يحمل القرار الذي أخذه بدون تراجع.
- بتعمل إيه؟ لازم نهرب!
كانت نبرتها مليئة بالقلق، وكأنها تحاول دفعه للعودة للهروب، لكنه كان قد حسم قراره.كان (آسر) يلهث، يحاول تنظيم أنفاسه وهو يرد عليها، بنبرة هادئة، لكنها مليئة بالإصرار:
- إنتِ اللي هتهربي. أنا هوقفه هنا.هزّت (كاتي) رأسها بعنف، وكأنها تحاول رفض الفكرة بكل جوارحها. عيناها امتلأتا بالدموع والخوف المتزايد.
- مقدرش أسيبك!
صوتها كان متقطعًا، أقرب إلى الرجاء منه
إلى الرفض.أمسك (آسر) بكتفيها، نظراته مليئة بالعزم، لكنه كان لطيفًا معها، يريد إيصال قراره دون أن يثقل عليها أكثر مما هو ضروري:
- مفيش وقت، اسمعي كلامي. روحي، وماتبصيش وراكِ. أنا هوقفه وهاجي بعدك.ثم أضاف بسرعة، وكأنه يحاول إعطاءها آخر توجيهاته قبل أن ينفصل عنها:
- اطلعي على الطريق وأي ميكروباص يقابلك، قوليله عايزة أروح المعادي.كان في تلك اللحظة وكأن الزمن توقف للحظة قصيرة. وقفت (كاتي) متجمدة، عيناها تمتلئان بحيرة وحزن. عقلها يريد أن يرفض ما يحدث، لكن قلبها كان يعرف أن (آسر) لن يتراجع عن قراره لأن الأمر يتعلق بحمايتها.
لم تكن الكلمات قادرة على التعبير عن ما بداخلها، وبدأت الدموع تتجمع في عينيها. للحظة قصيرة، نظرت إليه وكأنها تودّعه. كل جزء من جسدها كان يصرخ بالبقاء، لكنها كانت تعرف أنه لن يسمح لها بالبقاء. كانت هذه طريقته في حمايتها.
أدارت وجهها أخيرًا، والخوف يثقل على قلبها، ثم بدأت بالجري من جديد، خطواتها كانت مضطربة وكأنها تجبر نفسها على كل خطوة، والدموع تنهمر على وجنتيها. كانت تشعر بالثقل الرهيب لفكرة أنها تتركه خلفها، لكنها كانت تعرف أن هذا هو القرار الصحيح.
وقف (آسر) هناك، ظهره للشمس، وعيناه معلقتان بالرجل الذي يقترب بخطوات متسارعة. أخذ نفسًا عميقًا، يحاول تهدئة دقات قلبه المتسارعة. كانت الأرض تحت قدميه تهتز من ثقل القرار الذي اتخذه، لكنه لم يتراجع. كان يعلم أنه يجب أن يقف هنا، أن يتصدى لهذا الخطر بأي ثمن، لكي تظل (كاتي) في أمان. في تلك اللحظة، لم يكن هناك مكان للخوف في قلبه، فقط الإصرار.
أنت تقرأ
♕المسافة بيننا♕
Romantik«تبدأ الحكاية برسالة إلكترونية عابرة، لتتحول سريعًا إلى حوار عميق ينسج خيوط الود بين قلبين. تتوالى الكلمات، ويتسارع نبض الحب، ليُشعل شرارة مشاعر قوية لا تعرف الحدود. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل ستنتصر المسافات والاختبارات التي تفرضها الحياة على ح...