"1" «مُحادثة إلكترونية»

454 21 55
                                    

في ليلة من ليالي الشتاء كانت تجلس فتاة ذات ملامح جميلة في غرفتها، حيثُ تمتلك عينين بنيتين واسعتين وأنف مُدبب مما منح وجهها الدائري مظهرًا أنيقًا وراقيًا، وذات بشرة بيضاء وشعر طويل باللون البني الممزوج بالذهبي، وتبلغ من العمر سبعة عشر عامًا.

تحتوي غرفتها على فراشٍ صغيرٍ لونه أبيض وخزانة ملابس بنفس لون الفراش، ومكتب موضوع عليه العديد من الكُتب والملازم الدراسية، ويوجد على الحائط الكثير من عبارات وجمل راقت لها، ويوجد أيضًا العديد من الصور المُعلقة عليه كصورها هي وعائلتها، وصور أخرى لفنانها المُفضل، وكما تعودت أن تجلس دائمًا على كرسي مكتبها لتُنجز دروسها وواجباتها، ولكن قررت بعد مرور ساعتين أن تعبث بهاتفها وتتصفح موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" لتأخذ قسطًا من الراحة وتتسلى قليلاً بعد تعبها في إنهاء مهامها الدراسية.

وعندما فتحت حسابها على ذلك الموقع وجدت طلب مراسلة من شاب لا تعرفه، ففتحت قائمة طلبات المُراسلة التي تكتظ برسائل من شباب بمختلف الأعمار، ولكن لم تهتم إلا لرسالة أحد هؤلاء الشباب الذي يُدعى «آسر سلطان» ومضمون رسالته "صباح الخير" حيثُ إنه أرسلها لها في صباح ذلك اليوم، لكن لم ترها هي إلا الآن، ومن ثم فتحت صفحته الشخصية لكي ترى معلومات أكثر عنه، فوجدت أنه من محافظة الشرقية ومهنته ضابط جيش، لم تهتم لتلك المعلومات بل كان تركيزها كله على رؤية صورته التي ما أن رأتها شعرت بصدمة يشوبها إحساس غريب لم تشعر به من قبل، وتذكرت ذلك الحلم الذي حلمته وهي في سنٍ صغيرة.
فحدثت نفسها قائلة بنبرة مُتعجبة:
- أنا مش مصدقة نفسي معقولة يكون هو ده
اللى حلمت بيه وأنا صغيرة!

حيثُ حلمت الفتاة أن هذا الشاب ذا الجسم الرياضي ووجه مستطيل وعينان بنيتان ضيقتان قليلاً وبشرة سمراء ضاربة إلى العمق، ويمتاز بدقة في قسمات وجهه مما أكسبته وضاءة ووسامة، يقف في منتصف صالة منزلها وعندما نزلت هي من الطابق الثاني وجدته أمامها، ولكن لسانه لم يخاطب لسانها، وكانت عيناه مليئة بالدموع، أما هي فكانت سعيدة للغاية، وظلا واقفان هكذا يطيلان النظر إلى بعضهما لمدة عشر دقائق دون حديث ومن ثم غادر منزلها.
تذكرت (كاتي) ذلك الحلم الذي راودها في طفولتها وقالت بنبرة مُندهشة وهي تنظر لصورته:
- ازاي الحلم يتحقق بعد ٧ أو ٨ سنين،
أنا لازم أرد عليه!

وبالفعل أرسلت له رسالة مضمونها " مساء الخير، ابتسامتك حلوة أوي "، ثم تركت الهاتف وظلت تفكر في الأمر وهي تسأل نفسها، كيف لها أن تقابل شخص رأته في منامها منذ سبع سنوات، وتفاجئ بوجوده في الحقيقة!
اتجهت نحو فراشها ومددت عليه وعقلها ما زال شاردًا بذلك الحلم، وأثناء تفكيرها غرقت في نومٍ عميقٍ .

في صباح اليوم التالي استيقظت (كاتى) على شَقشَقَة العصافير وفتحت عيناها البنية الجذابة ثم فركتها قائلة بحماس:
- أما أفتح كده أشوف رد عليا ولا لسه!

♕المسافة بيننا♕ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن