الفقد! لا تتحدث إلي عن الفقد، إلا إذا كنت قد اختبرت شعور فقدان أعز الأشخاص إليك. لم يكن غيابك هو ما أودى بحياتي، بل تمرد قلبي الذي يملي عليّ الحنين إليك. إن الفراق هو جرح عميق لا يعي آلامه إلا من عانى لهيبه. تبدو جميع عبارات الشوق تعبيرًا ناقصًا عن مشاعر شوقي لكِ.
أطال النظر لتلك الصورة وهو يبكي من أعماق قلبه المُحطم. لطالما كان يعشقها ويشتاق لذكرياته معها، ولكن ما باليد حيلة. مسح دموعه بيده المُرتعشة، وتمنى لو يستطيع شفاء قلبه من جرحه، لكن كيف له أن يفعل ذلك؟
وضع الصورة في الصندوق وأغلقه، ثم اتجه إلى الخزانة مرة أخرى، لكي يضعه في مكانه. بعدها فتح باب غرفته ليتوجه ناحية المرحاض لكي يغسل وجهه أثر دموعه التي اجتاحت وجهه. وبعد أن مضى دقائق بالداخل خرج، فوجد (ياسين) يقف أمامه بملامح يكسوها الخوف والندم. فأردف بنبرة مُرتجفة:
- أنا آسف يا آسر مكنتش أقصد، أنا قولت كده ازاي مش عارف، حاسس إن حاجة اللي خلتني أقول كده...كاد أن يُكمل كلامه لكن جذبه (آسر) من يده بخفة وتوجه إلى الأريكة وجلس عليها وجعل أخاه يجلس على قدميه وحاوطه هو بذراعيه. ثم أردف قائلًا بنبرة حنونة:
- عارف يا ياسين أنت مش غلطان، أنا اللي كلي غلطات، لازم تبقى عارف إن ماينفعش واحد يقعد يكلم بنات ويتسلى بيهم.أردف الصغير مُستفسرًا وهو يلتفت له ويبدو على ملامحه الدهشة:
- طب ليه أنت بتعمل كده لما هو ماينفعش!زفر (آسر) بضيق ثم تنهد قائلًا:
- عشان أنا إنسان وحش، وبقولك الكلام ده عشان مش عايزك تبقى زيي.لمعت عيناه وارتمى بأحضانه وربت على ظهره بيديه الصغيرة ثم قال:
- أنت أجمل أخ في العالم، ولو كل الناس قالت عليك وحش، أنا هقف في وشهم وهقولهم ده مفيش زيه.يا إلهي، لقد استطاع ذلك الصغير أن يرسم البسمة على وجهه بعد أن كان الحزن يخيم على ملامحه، فاحتضنه برفقٍ ورعاية.
«في مكانٍ آخر»
في صباح اليوم التالي، استيقظت (كاتي) على صوت المنبه الذي كان يصدح بغرفتها في الساعة السابعة صباحًا. أطلقت زفرة من الإحباط، إذ كانت تكره الاستيقاظ مبكرًا، ولكنها كانت مُضطرة لذلك، للذهاب إلى مدرستها التي لطالما كانت تكرهها. لم يكن يمر يومها الدراسي بسلاسة إلا بفضل وجود صديقتها (سما) بجوارها. فعلت ما تعودت أن تفعله كل صباح، قامت بإنهاء فرضها ثم ارتدت زيها المدرسي الذي يتكون من تيشرت ذو أكمام طويلة باللون الأخضر الداكن وبنطال واسع قليلًا باللون الأسود.
وما أن خرجت من غرفتها، سمعت صوت شجار والديها في غرفتهما، ففضولها جعلها تقترب أكثر لكي تستمع لما يقولانه. اقتربت من باب حجرتهما بخطوات بطيئة وياليتها ما اقتربت حيث التقطت أذناها كلامًا أزعجها، ولم تفهم ما يقصدانه حيث سمعت والدتها تقول بضجر لوالدها "لازم كاتي تعرف، أنا مش طايقة أعيش بالأسلوب ده عرفها وريحني!
ورد كارم عليها بنبرة ساخطة:
- قال يعني أنا اللي عاجبني، أنا ساكت بس عشان خايف عليها.
أنت تقرأ
♕المسافة بيننا♕
Romance«تبدأ الحكاية برسالة إلكترونية عابرة، لتتحول سريعًا إلى حوار عميق ينسج خيوط الود بين قلبين. تتوالى الكلمات، ويتسارع نبض الحب، ليُشعل شرارة مشاعر قوية لا تعرف الحدود. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل ستنتصر المسافات والاختبارات التي تفرضها الحياة على ح...