Parte 6

72 13 62
                                    

.
.
.
.
.

غرفة مكتبية فاخرة على ارتفاع شاهق، يغمرها نور خافت ينبعث من مصابيح معلقة بزجاج معتم.
نافذة واسعة خلف ريكاردو تُطل على المدينة، تُمطر الشوارع بنورها الخافت وكأنها شاهدة على كل ما يدور من أسرار في الظلام.
كان الجو ثقيلاً، يُثقل كاهل من يدخل إليه.
المكتب أمامه يعكس ترتيبه البسيط لكن المنظم قوةً مخفية لا تحتاج إلى إظهارٍ صاخب.

في زاوية المكتب، وقف ماركو، يرتجف من الداخل رغم محاولاته الفاشلة لإخفاء توتره.
الرجل الذي اعتاد السيطرة على المواقف، الآن يمر بحالةٍ لا تختلف عن شعور الفأر في مصيدة يترقب فيها سقوط الفخ.
كان يعلم أن أي خطأ أمام ريكاردو لا يمر مرور الكرام، بل يدفع ثمنه كاملاً.

ريكاردو كان جالسًا على كرسيه، مُنحنيًا قليلاً إلى الأمام، يعبث بملف أمامه.
عينيه لا ترفعان من فوق الورقة، كأن العالم من حوله مجرد صدى بعيد لا يستحق انتباهه الكامل.
عندما تحدث ماركو، كان صوته وكأنه ارتطم بجدار الصمت، بالكاد وصل إلى آذان ريكاردو.

كان قلب ماركو ينبض بسرعة لا يستطيع التحكم بها، وعرقه البارد يتصبب من جبينه رغم برودة الغرفة.
لم تكن الأجواء تُشعِر أحدًا بالراحة، بل كانت تشد الأعصاب وتغرق المرء في هاوية من القلق.
حاول أن يجد الكلمات المناسبة، لكن كل جملة خطرت بباله بدت واهية مقارنة بما كان يعرفه عن ريكاردو.
هذا الرجل لم يكن يتعامل بالعواطف أو بالأعذار، بل كان يُسيطر على كل شيء من حوله بلا تردد أو رحمة.

ريــكاردو كان يجلس خلف مكتبه، محاطًا بهالة من السكينة الزائفة، لكنه كان أشبه ببركان هادئ، يعرف الجميع أن تحته تشتعل نيران لا تُطفأ بسهولة.
رفع عينيه ببطء إلى ماركو، تفحصه للحظة وكأن النظر في وجهه يكفي ليعرف كل ما يدور في عقله. لم يكن هناك حاجة للكثير من الكلمات، فالصمت بينهما كان يحمل في طياته معانٍ لا يجرؤ ماركو على التفوه بها.

نفس اللحظة التي التقت فيها أعينهما، شعر ماركو بثقل الكلمات التي لم يُنطق بها بعد.
لم يكن أمامه سوى الانتظار لرؤية ما سيخرج من شفتي ريكاردو.

"تــكــلــم."

قالها ريكاردو بهدوء بارد، كمن يعطي حكمًا بالإعدام دون أن يتأثر.

ماركو ابتلع ريقه، وحاول التماسك

"ســيــدي لقــد فــشـلـنـا فــي جــزء مــن الــمــهــمــة الــشــرطــة كــانــت أســرع مـمــا تــوقــعــنـا."

The Secret BossWhere stories live. Discover now