Parte 10

52 13 0
                                    

..

رفع والدها حاجبًا باستهزاء، وارتسمت على شفتيه ابتسامة ماكرة كأن ما يحدث أمامه لا يتجاوز مزحة طفولية. قال بلهجة ساخرة هازئة

"ضـعـي الـسـلاح جـانـبًـا قـبـل أن تـجـرحـي نـفـسـكِ، يـا صـغـيـرة."

ثم انطلق ضحكه كمن اعتاد أن يرى التهديد بلا وزن. كان صوته يتردد في الغرفة كطيف ثقيل، وشيئًا فشيئًا أخذ يعلو، حتى انحنى قليلًا من شدته وأغمض عينيه غارقًا في استهزائه. لكنه توقف فجأة عندما قطع صوت إطلاق النار الهواء كسكين حاد.

فتح عينيه على اتساعهما، وقد تملكه ذهول مباغت. للحظات تحسس جسده بجنون، يبحث عمّا إذا اخترق الرصاص جسده، قبل أن يلتفت بارتباك نحو الكرسي المجاور. هناك، حيث اخترقت الطلقة ظهر المقعد، انكشفت فجوة سوداء كأنها نافذة على الفراغ.

عاد ينظر إليها، وهذه المرة لم يكن أمامه ابنته التي يعرفها أو التي اعتقد أنه يعرفها  بل شيء آخر، شيء مختلف ومخيف. عيناها كانتا جليدًا قاسيًا لا يحمل شيئًا من الرهبة التي كان يتوقعها.

في زاوية الغرفة، وقف جونغكوك بلا حركة، يتابع المشهد بصمت مهيب، وعلى شفتيه ارتسمت ابتسامة صغيرة، كأن هذا المشهد كان لوحة قد رسمها بنفسه، وأخيرًا آن أوان الاستمتاع بها. أسند ظهره للحائط، مكتوف الذراعين، وعيناه تلمعان بفخرٍ لم يخفه.

خفضت سيلفيا السلاح ببطء، كأنها تُعلن السيطرة على مسرح الجريمة. تقدمت بخطوات بطيئة نحو والدها، وجلست قبالته على الأريكة ببرود يُجمّد الهواء بينهما. مدت يدها لتقبض على يده بقوة، وكأنها تثبّت الحاضر بين أصابعها وتُنهي كل ما سبق.

قالت بصوتٍ عميق، صارم، نبرته تحمل حكمًا نهائيًا لا رجعة فيه

"قـلـت لـكَ مـن قـبـل أنـا لـم أعـد تـلـك الـطـفـلـة الـتـي تـأمـرهـا فـتـطـيـع.
وإن أردتَ حـيـاتـك، سـأنـتـزعـهـا مـنـك بـلا تـردد."

ارتعشت قسمات وجهه في ذهولٍ شاحب، وكأن كلمتها كانت رصاصة ثانية. بصوت مختنق بين الشك والصدمة، همس

"سـتـقـتـلـيـن والـدكِ؟"

ارتسمت على شفتيها ابتسامة باردة، كأنها تسخر من ذكرى قديمة فقدت كل معنى. ضحكت ضحكة منخفضة، مليئة بمرارة السنين، ثم أجابت

"والـدي؟.
لـقـد نـسـيـتُ تـلـك الـكـلـمـة مـنـذ كـنـت فـي الـعـاشـرة. مـنـذ ذاك الـحـيـن، لـم أركَ إلا زوجَ أمـي. لا شـيء أكـثـر."

سكنت الغرفة من جديد، كأن الهواء نفسه توقف عن الحركة. حدّق والدها في وجهها، ولم يجد في نفسه ردًّا. كانت تلك اللحظة أشبه بانهيار خفي، كأن سيلفيا قد كسرت قيدًا ظل يقيدها لسنوات طويلة، بينما جلست أمامه بجمود من اكتشف أخيرًا أنه حرّ.
بعد أن استوعب والدها كلماتها، تسللت الكراهية إلى ملامحه كغيمة سوداء أثقلها الغضب، فتجمّد في مكانه للحظات قبل أن يندفع نحوها بحدّة، كمن يحاول قمع بركان داخله. همس بصوت مليء بالشر والتهديد، وكأن حروفه تجر خلفها شبح الانتقام

The Secret BossWhere stories live. Discover now