بارت 2

51 6 15
                                    

"عاصفة داخل العائلة"

الليل قد استقر على المدينة، والسكون أصبح كثيفًا، لكنه لم يكن سكونًا يبعث على الاطمئنان. داخل أحد المقرات السرية للمخابرات، جلس فهد فاروق الجارحي في غرفة الاجتماعات، محاطًا بفريقه. العيون مركزة، والأصوات خافتة، وكأنهم ينتظرون أن ينفجر شيء ما في أي لحظة.

عاصي عبدالعزيز الجارحي. كان هذا الاسم يتردد في أذهان الجميع. العدو هذه المرة لم يكن غريبًا، بل كان جزءًا من نفس العائلة التي ينتمي إليها فهد ورعد. وهذا ما جعل المهمة أكثر تعقيدًا. العائلة، التي كانت دائمًا رمزًا للقوة والوحدة، تواجه الآن تهديدًا من الداخل. العدو هذه المرة لم يكن مجرد خصم خارجي، بل كان شخصًا يعرف كل شيء عنهم.

فهد، بصمته المعتاد، كان يفكر بعمق. الصمت الذي يسود الغرفة لم يكن أكثر من انعكاس لدوامة الأفكار التي تعصف في داخله. عيناه الثاقبتان لم تكن تفوتهما أي تفاصيل، ومع ذلك، كان يعلم أن المعركة القادمة لن تكون مجرد معركة بالأسلحة، بل معركة نفوس وإرادات.

رعد، الذي اعتاد المزاح حتى في أكثر الأوقات توترًا، كان هذه المرة هادئًا. أخوه عاصي لم يكن مجرد عدو عادي. رعد كان يعلم أن المواجهة معه ستكون مختلفة عن أي شيء واجهوه من قبل. "العائلة... المفروض تكون حاجز بيننا وبين الخطر، مش سبب فيه"، قالها رعد بصوت خافت، وكأنه يتحدث إلى نفسه.

"العائلة أحيانًا بتكون أكتر حاجة بتوجعك"، قالت ليليان ، اخت فهد ، التي كانت جالسة بجانبهم. عيونها كانت متصلبة، وتعلم أن المواجهة مع عاصي لن تكون مجرد مواجهة مهنية، بل ستكون مواجهة
------
في مكان آخر، بعيدًا عن مقر المخابرات، كان عاصي يجلس في قاعة مظلمة، محاطًا بأتباعه. الجدران كانت مليئة بالخرائط والمخططات التي تظهر المدينة بأدق تفاصيلها. كان عاصي يتأمل كل شيء بصمت، كما لو أنه يشاهد لوحة فنية معقدة.

"الشحنة جاهزة للتحرك، ولكن يجب أن نكون مستعدين لأي تدخل من طرف فهد وفريقه"، قال أسد عاصي الجارحي، ابن أخ عاصي وأحد أتباعه المخلصين.

عاصي رفع عينيه ببطء نحو أسد. "فهد لن يتوقف عن ملاحقتنا، وهو يعرفني جيدًا كما أعرفه. نحن لسنا فقط في مواجهة المخابرات، نحن في مواجهة أنفسنا. العائلة، أسد... العائلة دائمًا تكون أصعب عدو."

"هل تعتقد أن فهد سيحاول أن يصل إليك شخصيًا؟" سأل برق، الذي كان يقف بجانبهم، معبرًا عن شكوكه.

عاصي ابتسم ببرود، "فهد سيأتي إليّ، وأنا أعرف ذلك. لكنه لا يعلم أنني أتحكم بكل خطوة سيقوم بها. كل حركة يقوم بها هو وفريقه هي جزء من خطتي."

---

في بيت العائلة الجارحي، كانت الأمور أكثر تعقيدًا. أمنية الشرقاوي، والدة فهد ورعد، كانت تجلس وحيدة في الصالة الكبيرة، تتأمل الصور العائلية التي تملأ الجدران. كان قلبها مثقلًا بالحزن والتوتر. كيف وصل الأمر إلى هذا؟ كيف أصبح أبناؤها في مواجهة مع ابن أخيها؟ العائلة التي كانت دائمًا موحدة أصبحت ممزقة.

شبح المخابرات حيث تعيش القصص. اكتشف الآن