الفصل السابع العاشر

119 13 11
                                    

الفصل السابع عشر
متهم
عندما أفاقت كانت بفراشها والطبيب يبتعد بعد أن منحها دواء ليعيدها للواقع، تذكرت يوسف وما كان فحاولت أن تصرخ باسمه ولكن صوتها خرج ضعيفا وواهنا وهي تقول "يوسف"
رافقتها الدموع والتفت لها الطبيب وقال باهتمام "اهدي مدام من فضلك كل هذا خطر على قلبك"
قالت بألم وحزن "لا يهم، المهم يوسف، أريد زوجي"
حقنها بدواء آخر بذراعها ثم قال "سيكون بخير وأنت أيضا لابد أن تكوني بخير كي يمكنك أن تكوني بجواره فهو بحاجة لقوتك لا مرضك"
كانت تعلم أنه على حق لابد أن تكون معه بدلا من رقدتها على الفراش بهذا الشكل، انتهى الطبيب وكادت تنهض ولكنها لم تستطع ما زال قلبها يؤلمها وفقدت كل قوتها فعادت للبكاء وزينب تدق الباب وتدخل وهي تقول "كيف حالك مدام؟"
أغمضت عيونها الباكية ولم ترد بينما قال الطبيب "لابد أن ترتاح حتى لا تنتكس، سأراها بالغد لا يجب أن تنهض إلا للضرورة"
****
بالقسم تفاجأ يوسف ببعض الشهود التي شهدت بأنه هدد زينة بالحفل الأخير عند المحافظ ثم شهادة رجل الأمن الخاص بالمبنى الذي قتلت زينة بإحدى شققه برؤيته ليوسف وهو يدخل المبني ويخرج وقت ارتكاب الجريمة، كانت الأدلة تشير له بقوة فقط لا بصمات له بالشقة حتى الآن
نظر الضابط له وقال "حسنا سيد يوسف وماذا عن وجودك بشقتها بنفس الوقت؟"
نظر للضابط وقال "هذا لم يحدث يا فندم أنا لم يسبق لي الذهاب لها ببيتها بأي وقت"
قال الضابط "أين كنت بذلك الوقت إذن؟"
نفخ وقال "للمرة المليون كنت بمكتبي ولدي من الشهود مئات، كل موظفين شركاتي يعرفون مواعيدي ومدير مكتبي يشهد بوجودي، ورجال الأمن والكاميرات"
تراجع رجل المباحث بمقعده وقال "ورجل الأمن أيضا يصر عليك"
قال بقوة "كاذب أو مرتشي لكن أنا لا أقتل، زينة انتهت علاقتي بها منذ القدم والجميع يعلم بذلك"
قال الضابط "ولكنهم يعلمون أيضا أنها تطاردك أنت وزوجتك بكل حفل وتثير غضبك وغضب زوجتك وبآخر حفل هددتها"
نظر للضابط وقال بغضب "لأنها كانت تهدد زوجتي فماذا تنتظر مني؟"
أبعد الضابط نظراته ثم عاد وقال "لا شيء ولكنه دليل إدانة ضدك بجوار شهادة الرجل"
قال يوسف "لدي من يثبت وجودي بمكان آخر"
دق الباب ودخل العسكري وقال "أستاذ عبد القادر أمين المحامي"
هز الضابط رأسه وقال "ليدخل وأدخل الشاهد الموجود"
دخل محامي يوسف وتبعه مدير مكتب يوسف الذي شهد بوجود يوسف بمكتبه بوقت الجريمة ثم خرج وتوالى الشهود حتى وصلوا لرجل الأمن الخاص بمبنى زينة وبالفعل شهد برؤيته ليوسف الذي نهض وكاد ينقض عليه من الغضب لولا أن أوقفه المحامي بقوة والضابط أسرع له وقال "اهدأ سيد يوسف، هذا تصرف غير صائب منك"
تراجع يوسف والغضب يتملكه بينما عاد الضابط يقول "مرة أخرى يا حامد هل هذا هو الرجل الذي رأيته يدخل المبنى؟"
كان الفزع على ملامح الرجل وهو يقول "نعم يا فندم ولكن"
اعتدل الضابط وقال "ولكن ماذا؟ أكمل"
****
الدواء جعلها تذهب بالنوم كثيرا وربما عقلها كان يهرب من مواجهة الواقع المؤلم ولكن بالصباح دخلت زينب غرفتها لتجدها وقد ارتدت ملابسها فقالت بفزع "إلى أين مدام؟ الطبيب قال"
قاطعتها وهي تجذب حقيبة يدها وقالت بإصرار "لا يهمني ما قاله الطبيب، يوسف أهم، لقد أمضى الليلة هناك زينب هل تفهمين معنى ذلك؟"
وتركتها وتحركت للخارج حيث ركبت السيارة وقاد السائق وهي لا تفكر سوى به وبلحظات السعادة التي عاشتها معه وعيد ميلادها والعزبة وكل مكان شهد على سعادتها ولم تعد تذكر أي ذكريات مؤلمة لها معه، مسحت دمعتها بحزم فالقوة هي الرداء الذي عليها ارتداؤه الآن فزوجها بحاجة لها وهي لن تتخلى عنه أبدا
عندما وصلت وجدت المحامي بطريقه للداخل فاقترب منها وقال "صباح الخير مدام"
قالت وهي تتقدم معه للداخل "صباح الخير أستاذ عبد القادر، ما الأخبار؟"
تحرك معها برشاقة واضحة وقال "الشهود متضاربة الأقوال ولكن أهمها حامد رجل الأمن"
ما أن وصلا لممر واسع حتى رأت شخص لم تتمنى رؤيته، وحيد، أكثر رجل تكرهه بحياتها، استأذن عبد القادر ودخل مكتب ضابط المباحث
لاحت ابتسامة على فم وحيد عندما ذهب المحامي وهو يراها واقفة فتحرك تجاهها وتأملها بنظرات وقحة حتى قال "حقا تبدين زوجة ملياردير مثله ولكن بعد تلك الجريمة لن يبقى هكذا سيعود للحضيض"
قالت بغضب "اخرس يا جبان يوسف السمنودي سيظل كما هو لآخر العمر فهو أشرف من أمثالك"
ضحك وقال "الجريمة محكمة يا مدام لن يفلت منها، بصراحة هو فعل الصواب فزينة امرأة تستحق القتل حقا وزوجك هو رجل تلك المهمة ولن يفلت منها ووقتها ستعودين لي فأنا لم أنساك يا حلوة، لم ترفضني امرأة من قبل ولن تفعل لذا سأنالك ولا تنسي كلماتي هذه"
كان يقترب منها بشكل مخيف بملامحه المخيفة وتراجعت وهي تكاد تلتصق بالحائط عندما سمع اسمه والعسكري يناديه فابتسم وتركها وتحرك للداخل وهي تتنفس من الخوف الذي أثاره داخلها ولا تشعر بالخير من ذلك الرجل
مر وقت طويل والشهود تدخل واحد وراء الآخر حتى خرج الجميع أخيرا وتبعهم يوسف فأسرعت إليه لتحتضنه فتفاجأ بها وضمها له وهو يقول بضيق "ماذا تفعلين هنا ملاك؟"
ابتعدت بدموع وقالت "ستعود معي أليس كذلك؟"
ولكنها انتبهت للعسكري الذي يمسكه من ذراعه والمحامي بجواره فقال "لا ملاك، ما زال التحقيق مستمر ولن يفرج عني إلا بعد انتهاء التحقيق أو الوصول للجاني"
قالت بدموع لا تتوقف "وما معنى هذا؟ لا يوسف لن أذهب بدونك، سأظل هنا حتى تخرج معي، أنت بريء يوسف، سأذهب لأخبرهم أنك لا يمكنك أن تقتل"
امسكها من ذراعيها وقال بقوة "كفى ملاك، اهدي واسمعيني، لابد أن تذهبي ولا تأتي هنا مرة أخرى، زوجتي لا تدخل أماكن كهذه هل تفهمين؟"
تراجعت من نبرة الغضب بصوته والتفت للمحامي وقال "أخرجها من هنا وافعل ما اتفقنا عليه"
ثم نظر لها وقال "لن تأتي هنا مرة أخرى ملاك هل تسمعيني؟ فقط نفذي كل ما يطلبه منك عبد القادر أنا أثق بك"
ثم تركها وتحرك مع العسكري بينما قال المحامي "هيا مدام هو على حق لا يمكن وجودك هنا"
اختفى هو من أمامها بينما عاد المحامي يقول "هيا مدام"
تحركت وهي تتألم لأنه لا يريدها بجواره ولا تفهم سبب ذلك ولكن عندما رأت وحيد يكاد يتبعها اقتربت من المحامي الذي سار بجوارها حتى فتح لها السائق وركبت والمحامي بجوارها ولاحظت أن وحيد بالفعل يتبعها ولكنه توقف عندما ركب معها المحامي فتوقف وظلت هي تنظر له بخوف وانتبه المحامي فقال
"هل هناك شيء مدام؟"
انتبهت له وهزت رأسها بالنفي ولكن الخوف كان يأخذها من المجهول وقالت "ماذا سيحدث ليوسف؟"
نظر لها وقال "الضابط خصص له مكان جيد للبقاء به بعيدا عن المساجين نظرا لمكانة يوسف المعروفة وبالطبع حاولنا ألا تعرف الصحافة بالخبر ولكن هذا أمر غير أكيد فلهم عيون بكل مكان"
قالت "لماذا يبقى يوسف هناك؟"
صمت قليلا ثم قال "الشاهد الأساسي يصر على رؤيته ليوسف يدخل العمارة، سيد يوسف سيعرض على النيابة بالصباح وبالتأكيد ستطلب تفريغ الكاميرات وسماع الشهود مرة أخرى والتهديد الذي هددها به بالحفل وذلك الرجل وحيد يصر على أن هناك عداوة كبيرة كانت بين سيد يوسف والقتيلة وأنه أوقف عملها من قبل وهي كانت تشكي له من أفعال يوسف معها، أشعر أنه يزيد الطين بلة"
حدقت به وهي متأكدة من أن وحيد سيفعل أكثر من ذلك كي يتخلص من يوسف ولكن هل هي تستحق أن يفعل ذلك من أجلها؟ ربما هناك سر آخر يخفيه وحيد الكلب وهي لا تعلمه
نظر لها المحامي وقال "لابد أن يباشر أحد أعمال سيد يوسف صلاح مدير مكتبه يخبرني بأن هناك مصالح كثيرة متوقفة هذا غير أن ما حدث يؤثر على سمعة الشركات والأسهم والبورصة، أنا تناقشت مع يوسف بأن تتولي أنتِ الأمر فهل يمكنك القيام بذلك؟"
شحب وجهها وحدقت به بذهول وهي لا تجد كلمات تقولها بينما عاد عبد القادر يقول "مدام هذا الوقت صعب ولابد أن تسير المركب لتصل للشاطئ بأمان حتى لو فقدت قائدها وهذا لن يكون إلا بمن ينوب عنه وأنت الوحيدة التي يثق بها"
جف حلقها وتاهت منها الكلمات ولكنها بللت فمها بلسانها حتى تقول "يوسف يثق بي أنا؟"
تراجع عبد القادر وقال "بالتأكيد مدام، أنت زوجته، أم ابنه وشريكته والجميع يعلم مدى الترابط الواضح بينكم لذا عليك بالصمود من أجله ولن تتخلي عنه"
هزت رأسها بالإيجاب وقالت "لم أفكر يوما بالتخلي عن يوسف هو زوجي ولن أتركه مهما حدث، فقط أخبرني بما يمكنني أن أفعل"
هز رأسه وبدأ يخبرها بالأمر وهما يتجهان إلى المكتب وهو يلقنها بكل ما يلزمها لممارسة دورها كزوجة تحاول إنقاذ سمعة زوجها الذي تحبه وتتمنى نجاته مما هو فيه
وقف الجميع عندما دخلت الشركة وبدت نظرات لم تحاول أن تفهمها بعيون الموظفين وتقدمت مع عبد القادر إلى الدور الذي به مكتب رئيس مجلس الإدارة، زوجها الذي لم تفكر يوما بأن تدخل مكتبه ولكن الظروف تضطرنا كثيرا لأن نفعل أشياء لا نحبها من أجل من نحب، نهض الجميع بمجرد تقدمها فلم تخفض رأسها وبدت هادئة وهي تتقدم بخطوات ثابتة حتى قابلها صلاح مدير مكتب يوسف باحترام وفتح لها باب المكتب وهو يقول "أهلا مدام"
دخلت حتى توقفت أمام مكتب يوسف الكبير والأنيق وترقرقت دموع بعيونها بمجرد أن تنفست عطره الذي ساد بالمكان وشعرت بقلبها يؤلمها لعدم وجوده هنا بمكانه، التفتت لتبتعد ولكن عبد القادر واجها وهو يقول "لن ترتدي للخلف، لابد أن تكوني هنا كي يهدأ هو هناك، صلاح هل تخبر المدام بكل ما يحتاج إلى وجودها، موظف الشهر العقاري على وصول لنوثق التوكيل الذي وقعه سيد يوسف دعه يدخل بمجرد وصوله"
هز صلاح رأسه وقال "حاضر أستاذ عبد القادر، اسمحوا لي"
تحركت للمقاعد الجلدية وجلست وتبعها عبد القادر وهو يقول "مدام اسمحي لي ولكن عليك بالقوة هذا الضعف لا يتناسب مع ما أنت بطريقك له"
أغمضت عيونها وأسندت رأسها على يدها وقالت "ما تطلبه مني صعب جدا فامنحني بعض الوقت"
قال بهدوء "اليوم سأكون معك بكل شيء ولن أتركك إلا وأنت على دراية بكل شيء فقط ثقي بنفسك كما يثق هو بك"
فتحت عيونها ونظرت له فهز رأسه مطمئنا إياها عندما دق الباب ودخل صلاح يقول "موظف الشهر العقاري"
لم يرد عبد القادر فاضطرت هي إلى أن تنظر لعبد القادر الذي هز لها رأسه فقالت "دعه يدخل"
اعتدلت وهي تتنفس بعمق والرجل يدخل ليبدأ يومها بل جزء جديد من حياتها لم تعرفه من قبل ولا تعرف كيف ستفعل وهل سيمكنها أن تجيد ذلك الدور الذي كلفها به زوجها وجعلها تندهش من ثقته التي منحها إياها وهي لم تتخيلها
تراجعت بمقعد زوجها الجلدي الكبير وهي تنظر للمحامي الذي ابتسم وقال "رائع مدام، أنت لست بحاجة لي الآن"
نهض فقالت بسرعة "إلى أين؟ لم ننتهي بعد"
قال "أنا عائد لمكتبي ولا أظن أنك بحاجة لي مدام أنت رائعة حقا وتجيدين ما تفعلين حقا، سيد يوسف كان على حق اسمحي لي"
لم تتحدث ولم يمنحها الهاتف الداخلي فرصة للتفكير وهو يرن فعادت للعمل وظلت بالمكتب حتى وقت متأخر
لم تستجب لطلبه وبصباح اليوم التالي كانت بالنيابة مع المحامي تنتظره، توقف بغضب عندما رآها أمامه وتحرك حتى وقف أمامها وقال "ألا تسمعين ملاك؟"
قالت بإصرار "لا، لن أتركك يوسف"
انحنى عليها وقال "من أجلي ملاك، من أجلي اذهبي، لا أريدك هنا"
نظرت له بدموع فعاد يقول بصوت منخفض "وجودك يضعفني ملاك، هل نفذت ما أردت؟"
هزت رأسها والدموع تملأ عيونها فقال بملامحه الجامدة "حسنا، هل تستمعين لي الآن، وجودك هنا لا يمثل أي شيء سوى تعب لي ولك أنا لا أقدر على رؤيتك هكذا أمامي، رؤية دموعك هذه تضعفي كل ما أريده أن تديري الأمور جيدا بغيابي إلى أن أعود تعلمين أني بريء؟"
قالت بدموعها "بالطبع"
ظل يواجه عيونها وقال "إذن انتظريني حيث أريدك"
سقطت دموعها فمسحتها وقالت "حاضر"
ابتسم بصعوبة وقال "انتبهي لنفسك ولأحمد ملاك"
ثم تحرك مع العسكري لغرفة النيابة واستدارت هي لتذهب لترى وحيد أمامها ونظراته الوقحة بعيونه فرفعت وجهها له بقوة وتحركت من جواره وكأنها لا تراه وعادت للمكتب ودفنت نفسها بالعمل الذي لم يكن بالسهل أبدا ولكن صلاح والمحامي كانا مخلصان بالفعل ليوسف ولم يتركاها وهي حاولت أن تجيد ما تفعل من أجل حبيبها الذي تآمرت الحياة عليه 
بالمساء عادت البيت وجلست بغرفة الجلوس وزينب تهرع لها وتقول "مدام هل أنت بخير؟"
قالت بهدوء وهي شاحبة الوجه محلقة العيون من عدم النوم "نعم زينب لا تقلقي، كيف حال أحمد؟"
قالت "ميرفت عادت وسهيلة رحلت وهي معه الآن"
قالت "دعيها تحضره لي أريد رؤيته"
وافقت زينب وأسرعت للأعلى ثم نزلت وميرفت تتبعها بالطفل، منحته لها فقالت "دعيه معي قليلا ميرفت"
أجابت "حاضر مدام"
ابتسم الطفل لها بسعادة مما جعلها تبتسم له ثم حكت له ما تعانيه وما تشعر به كما اعتادت ولم تجد منه سوى ابتسامة رائعة منحتها راحة وقتية انتهت بمجرد أن عادت تفكر بحبيبها الذي لا تعرف عنه شيء الآن.
امتلأت الميديا بأخباره وما أن وصلت المكتب بالصباح  حتى هاتفت المحامي فأجاب على الفور فقالت "لماذا لم تخبرني بما تم مع يوسف أستاذ عبد القادر؟"
قال "ما زلت بالنيابة مدام لم ننتهي بالأمس كما أخبرتك ولكننا انتهينا اليوم منذ وقت قصير، التحقيق أخذ وقت طويل إنها جريمة قتل وسيد يوسف شخصية ليست قليلة"
كانت تتحرك بالمكتب بدون هدى وقالت "وماذا؟"
أجاب "نفس أقوال الشهود مدام والنيابة طالبت بتفريغ الكاميرات بالمبني وشهادة جيران القتيلة كما تنتظر تقرير البصمات والطب الشرعي"
قالت وألم قلبها يدفعها للجلوس "وماذا؟"
نفخ الرجل وقال "أربعة أيام على ذمة التحقيق مدام"
أغمضت عيونها ولم ترد فجاءها صوته "مدام هل ما زلت معي؟"
قالت "نعم، وكيف حاله؟"
قال بصدق "هو واثق من براءته، فقط لا يريدك هناك مدام ولا أنا أيضا"
قالت "حاضر، لن أفعل"
أغلقت الهاتف ولأول مرة تشعر بوحدة قاتلة مؤلمة كحد السيف، ولكن من الذي يمكنه أن يفعل ذلك؟ من الذي يكره زينة لدرجة أن يقتلها؟ القتل أمر فظيع لا يمكن التفكير به إلا من مجرم لا يخشى شيء وقد دبر جريمته دون خطأ وسقط زوجها بالفخ وكأن من فعل ذلك كان يخطط لذلك و..
نهضت واقفة والشكوك تأخذها لطريق واحد، لكن كيف؟ وما العلاقة؟ تحركت مرة أخرى وهي تفرك يداها ببعضها البعض والأفكار تأخذها دون أن تصل لأي شيء
لم يجد أي جديد بالقضية، تفاجأت باليوم التالي بوحيد يدخل الفيلا بالصباح الباكر وزينب تفتح له، تراجعت وهو يتقدم بوقاحة ويقول "من الجميل رؤيتك مرة أخرى أيتها الفاتنة"
قالت بغضب "ماذا تفعل هنا؟"
سقطت يده الممدودة لها إلى جواره عندما لم ترحب به وابتسم وهو يقول "أخبرتك أني لن أتركك"
تأنت قليلا قبل أن تقول "ومن أخبرك أني سأسمح لك بالتواجد هنا؟"
تأمل المكان ثم جلس واضعا ساقا فوق الأخرى وقال "أنا سمحت لنفسي، اجلسي ملاك أنا أعلم أنك أردت كل ذلك من البداية، لو كان لدي ما لديه لتزوجتني"
قالت بغضب "أنت مجنون، أنا لا يمكنني أن أنظر لكلب جبان مثلك"
ابتسم وقال "اهدي ملاك وكفي عن التذمر كالأطفال، اجلسي واسمعيني"
نبرته الجدية جعلتها تحدق به وتقول "لتقل ما لديك قبل أن أحضر الأمن لإخراجك من هنا فوجودك غير مرحب به"
نظر لها ثم قال بغضب مكتوم "اسمعي ملاك ربما لا تريديني كما أريدك ولكني لا أحب الخسارة"
قالت بغضب "ماذا تريد وحيد؟"
قال بجدية "الأموال هدف أساسي ولكن هناك هدف آخر، ربما لن تصدقي ما سأقوله ولكن منذ رأيتك وأنت طفلة أعجبتني وأردتك ولكن ما لا تعرفيه أني طلبتك كثيرا للزواج من حمزة ولكنه كان يرفض بحجة السن وعندما انزاح حمزة من طريقي اختفيت أنت لأتفاجأ بزواجك من السمنودي وقتها أردت قتله وقتلك ولكني لم أستطع وزينة كانت تدبر مكائد للتفرقة بينكم ولكنها فشلت واليوم ها هو يوسف يكاد يخرج من حياتك لذا أنا ما زلت أريدك ملاك صدقيني أنا أحبك وأريك"
تحولت نظراتها للغضب وهي تقول "أنت مجنون؟ أنا امرأة متزوجة بالفعل ولو لم أكن حتى متزوجة فلن أفكر أبدت بالزواج من رجل نصاب وحرامي مثلك"
نهض ليواجها بغضب مماثل وهو يقول "وهل نسيت من أنت؟"
قالت بقوة "لا، أنت الذي لا تعرف من أنا ربما حمزة أخي وهو مثلك لكن أنا لا أنا لست مثله أو مثلك ولن أكون هل تفهم؟ والآن لتخرج من هنا وجودك غير مرغوب فيه لأن رجل البيت غير موجود"
ظل الاثنان يتواجهان بقوة ولكن وحيد هدأ وقال "ملاك أنا لا يمكنني التفكير بامرأة أخرى سواك كل تلك السنوات وأنا بانتظار أن تدركي مشاعري و"
قاطعته بقوة "كفى أخبرتك أني امرأة متزوجة ولا مجال لكلماتك هذه"
أشاح بيده وهو يبتعد ويقول "يمكنك الطلاق الآن بسهولة"
تراجعت بدهشة وقالت "طلاق؟ أنت مجنون اخرج من هنا والآن قبل أن أستدعي رجال الأمن، اخرج"
وأشارت بيدها للباب وملامحها تنم عن الجدية والغضب ولكنه تحرك تجاهها وقال "إذن احذري على نفسك وعلى ابنك فأنا سأحصل على ما أريد وبأي طريقة وعليك أنت اختيار الطريقة المناسبة يا، مدام سمنودي"
وتحرك للخارج وحاولت ألا تبدي خوفها من تهديده الواضح وظلت متماسكة حتى اختفى ثم جلست على أقرب مقعد تحاول أن تهدأ من دقات الفزع التي لازمتها بسبب كلماته
وصلت المكتب واستقبلت المحامي بالمكتب وقالت "ما أخبار يوسف؟ هل وافق على لقائي؟"
تناول القهوة وقال "ليس بعد مدام، وللأسف لا جديد حتى الآن، تقرير الطب الشرعي نفى أي بصمات ليوسف ولكن هناك بصمة مجهولة لم يتوصل لصاحبها"
قالت بحزن واضح "لماذا يبقون عليه؟"
لم يواجه نظراتها وهو يقول "رجل الأمن يصر على شهادته وأتت الكاميرات تؤكد شهادته وتهديد يوسف اللفظي"
نظرت له وقالت "نعم، هناك ما أريد إخبارك به"
اعتدل باهتمام وقال "تحت أمرك مدام؟"
بدأت تحكي له كل شيء عن وحيد حتى انتهت فصمت قليلا قبل أن يقول "هذا تهديد واضح"
نهضت وتحركت بدون هدى وقالت "نعم لذا طالبت من صلاح توفير حراسة للفيلا"
هز رأسه وقال "أحسنت التصرف مدام وحراسة لك أيضا، لكن بنظرك لماذا فعل ذلك؟"
التفتت له وقالت "لأن يوسف غير موجود فهو جبان ويظن أني مثله وسأتخلى عن زوجي"
نهض وتحرك تجاهها وقال "وهو أكثر شاهد حاول أن يسيء ليوسف وعلاقته بزينة فلماذا بنظرك يفعل ذلك؟"
ظلت تنظر له وقالت "لا أعرف ولكن ربما أراد إزاحة يوسف من طريقه كي يصل لي وينال مني كما قال"
هز رأسه وقال "رائع، أنت وأموال يوسف من بعدك، نضيف لذلك أن يوسف ردعه بقوة يوم اتفق مع زينة لتخريب علاقتك به وجعله يبدو جبان حقير فأخفاها داخله حتى يأتي الوقت المناسب لينتقم"
ابتعدت وهي تفكر ثم قالت "ينتقم؟ بماذا؟ بأن يحاول الوصول لي؟ أنا أخبرته أني لن أترك زوجي"
جاءها رده "أو بدفع يوسف بجريمة قتل هو بريء منها وأخذ زوجته التي أخذها يوسف منه والانتقام لم فعله به أمام زينة"
التفتت له وقالت "تقصد أن وحيد ربما هو"
هز رأسه بالإيجاب وتحرك الأمل لقلبها مرة أخرى وهي تتحرك للمقعد وتجلس والأفكار تندفع لرأسها بقوة وسرعة لم يمكنها مجاراتها
يتبع..

بريئة    بقلمي داليا السيدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن