ريزا الطفلة

21 2 3
                                    

ولدت كالأميرة الوحيدة للدوقية و التي كانت بدورها الدوقية الوحيدة لهذه المملكة الشبه هادئة ، و أعتقد أنك تعي معنى هذا و إن كنت وهبت من الفطنة القليل ،  إنها فرصة ذهبية لتوحيد الفصائل السياسية،  ما إن تتشابك العائلة الملكية مع الدوقية بالزواج فهذا يعني خمسون عاما هادئا لا يفسد ركوده سوى اختيار ولي العهد القادم ، و هكذا حدد مجرى حياتي منذ اللحظة الأولى و إن لم يتم الإعلان عن ذلك إلا في فترة لاحقة.

......

  ما إن أتممت الست سنوات،  أخذت دروسا صارمة في القواعد الملكية ، اللغات الحية منها و الميتة،  الرقص و التطريز ، الجغرافيا و التاريخ  و حتى الرماية ، ربما إن اكتشفوا علما آخر في تلك الفترة لكنت درسته أيضا ، و لكني أذكر تلك المتعة الطفولية شديدة النقاء كلما تحدثوا عن دور عائلتي البراق في بناء مملكتنا ، حيث كان لجدي الأكبر " ألكسندر دي أرنولت" الحظ الأوفر من تلك الحكايا، أقصها عليكم لاحقا حتى لا أغدو أثقل دما من معلمتي
.....
نشأت على جملة واحدة شديدة الوضوح " لا توجد  امرأة أكثر نبلا منك في هذه المملكة سوى الامبراطورة الأرملة " ، لم تكن جملة خبرية غرضها التفاخر الأجوف و حسب ، بل تحذيرا شديد الوقع أيضا ، الشابة الأكثر نبلا يجب عليها أن تغدو الأفضل في كل شيء،  براقة ملتزمة بالآداب الملكية ، تدري أن مستقبل المملكة يقع على عاتقها ، لذا لا أملك وقتا لأتسكع مع أخي الوحيد ، و الذي بدوره لا يملك وقتا إلا للتنفس ،  و كما خمنت يا عزيزي ، نعم لقد غدوت فتاة شديدة اللؤم كثيرة الحزم و متحجرة الفؤاد ، لا يتخلل ذلك سوى بعضا من الحس الساخر الذي لم يقدروا على سلبه مني إلى يومنا هذا
.........

رغم عدم إعلان الأمر رسميا ، لكن ما إن أتممت الثانية عشر ،   علمت أني سأزف إلى ولي العهد عاجلا أم آجلا ، مكان شاغر لأنبل امرأة في المملكة،  بالتأكيد سيكون من نصيبي أو من نصيب أميرة من بلاد بعيدة ، و الخيار الثاني لا يبدو سانحا في أوقات الأزمات الداخلية ، و مع ذلك لم أنل حظا وافرا من الخيالات الوردية حينها ، بل وجدت نفسي أدرس كما وافرا من القواعد الملكية مجددا  ، و التي بدورها كانت خالية من أي عاطفة، قواعد خلقت لإرساء مملكة هانئة لا أسرة متحابة و هذه خطيئتي الأولى

فوضى الحواس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن