قد تكون هذه بداية مذكراتي ، لطالما ترددت في كتابتها فأنا لا أملك الكثير لعرضه على أي حال ، و ما أملكه أخجل بشدة من ذكره ، على أية حال، ما بين كوني وليا للعهد و ملكا متوجا إندثرت الكثير من مشاعري ، و لكن و للمرة الأولى قابلت ماريا ، بارونة صهباء عذبة الفؤاد ، قابلتها كعامي لا كأمير ، فازداد هيامي اشتعالا ، ماريا لم تكن حب حياتي و حسب بل جوهر تحررها أيضا ، مع ماريا أشعر كأني آرثر لا شخص آخر ، تلك المشاعر المندثرة أعيد إحياؤها من جديد في ذلك اليوم ، و الذي أعتبره ثاني أغلى ذكرى لي من بعد ولادة عزيزي ليون
....
قابلتها في مهرجان سنوي، حيث يرقص العامة معا ، الألوان تغمر الأحياء ، الكثير من لاعبي الخفة و العرابات ، و طعام منه الشهي و الغير الصالح للأكل ،. مسابقات الرماية الرتيبة ، و الكثير من تعويذات الحب ، في هذه الأجواء المتحررة قابلت ماريا، رقصت معها و هي متنكرة كخادمة، و من ثم وجدتها تخوض شجارا مع أحد الأوغاد الذين يضربون الأطفال بالسوط إن اعترضوا طريق عرباتهم، لا أريد الاسهاب في قصة حبي ، و لكنها امرأة صادقة نقية، لا تبالي بالأعراف الملكية ، تساعد المحتاجين سرا ، و تجعل من حولها يحسون بالراحة و السكون ، و على الرغم من غيرتها الشديدة تجاه ريزا فيما بعد ، لكنها تمنت لها حياة هانئة دوما ، و كثيرا ما شعرت بالذنب العميق تجاهها
.....
هنا سأتحدث عن امرأتي الثانية و أكثر من أخجل من ذكرها ، ريزا، أنجبنا ثلاثة أبناء فيما بعد ، أولهم ابنتي العزيزة سيرا ، و ولي العهد السيد إيلياس و الذي لا يحبني على ما يبدو، و أخيرا فريدريك الثاني و لاسمه قصة مؤلمة لا أحبذ الحديث عنها ، بداية توتر علاقتي مع ريزا كانت عند الشرفة ، تحدثت بتعال قائلة أن الحب ليس للملوك، و يبدو أنها رأتني سخيفا أهوجا كعادة كل من في القصر الملكي، كنت أشعر بالخجل و العار كلما قابلتها ، كانت امرأة شديدة الشموخ عالية المكانة ، لا تتصرف إلا بقدر معلوم ، فيها من النبالة ما يفيض عن احتياج ثلاث ممالك مجتمعة ، حتى حينما أخبرها زوجها المستقبلي عن امرأته الأخرى، تهكمت عليه مستهزأة، لست رجلا فجا يريد منها البكاء، و لكني رجل مرهف المشاعر و لهذا كانت ريزا لا تناسبني ؛ فهي التجسيد الحي للملكية الذي لطالما أردت الفرار منه ، فيها من الجفاء و السلطوية ما جعلني احترمها لا أن أحبها، ربما إن ولدنا من جديد، ستغدو أقرب أصدقائي ، ليس لان شخصياتنا تختلف يعني أني لم أحبها، ربما أستطيع القول أنني أحببتها بعد حياتنا الطويلة معا ، و لكن ليس بشكل رومانسي، و حتى و إن خالط قلبي بعضا من التشويش ، لم يكن حبي بالقدر الكافي الجالب للسعادة، أستطيع أن اعترف بذنبي بكل شرف، لم أكن يوما زوجا صالحا ، كنا شركاءا في الحكم و حسب ، تخلل ذلك بعضا من العواطف الإنسانية و لكني دوما ما اخترت ماريا ، لا لأني أحبها فقط، بل لأن أرواحنا متشابهة ، فقط قد ولدنا في مكان خاطئ ، و ربما إن ولدنا مجددا سنغدو أحرارا بلا قيود
....
مازلت أذكر اليوم الذي أنقذت فيه ريزا ليون من الموت المحدق، كانت أمسية هادئة حيث ذهبنا أنا و ماريا في موعد ليلي خارج القصر متنكرين ، كنا سعداء للغاية دون إدراك اقتراب ناقوس الخطر ، في تلك الليلة المريعة، جاء بعض من المغتالين لإغتيالي و ليس لإغتيال ليون ذي الاربع سنوات على ما يبدو، و لكن طفلي الحبيب كان يلهو في غرفة الملك حينها منتظرا أبيه الغائب ، أشعلوا النار في غرفة الملك و بعض الحدائق و في غرف الخدم ، و نتيجة لذلك لقي حارسي غرفتي حدفهما ، أما ليون كان يبكي جالسا على شرفتي العالية ، حراس البوابة علموا بخروجي انا و ماريا، لذا بدأوا بإطفاء الحرائق الأخرى أولا، و لم يعبأ أحد بمكان ولي العهد المزيف ، من سيهتم بطفل سيفقد منصبه قريبا ؟ ، هو دمية في أذهانهم ، و عندما رجعت وجدت آثار الاحتراق ، و الجميع ينظر الي ببؤس شديد ، صرخت متوجعا " ماذا حدث لليون؟ "
...
أشار الخدم إلى غرفة الطبيب، فوجدته باكيا يطلب مني الاطمئنان على والدته ، و في هذه اللحظة كان قاصدا ريزا لا ماريا ، تبعا للقوانين الملكية فريزا هي والدته ، حينها أحسست بمرارة الفقد لأول مرة ، فزعت لفكرة اختفاء ريزا، ماذا سأفعل بدونها ؟ ، كيف سأمر على غرفة الخدم و لا أسمع تأنيبها لهم ؟ ، اشتقت لها في تلك اللحظة ، و لا أدري ماهية تلك المشاعر صدقا ، لكنها كانت مرارة حارقة ، و بؤس مدقع، فخاصمت مقلتاي النوم ثلاث أيام ، حتى نهوضها بعد نوم طويل ، أصيبت ببعض الحروق و هي تخبأ ليون بين أحضانها، مازلت تلك الآثار قابعة على ساعديها حتى الآن، نظرت لي ببرود أثار القشعريرة في جسدي ، في تلك اللحظة احضتنها باكيا
ثم أردفت مبتسما من صميم قلبي
" شكرا لك ريزا على كل شيء، أنا ممتن لك بشدة عزيزتي "
....
صمتت قليلا ثم سألت
" هل ولي العهد بخير ؟ "
..
" بالطبع ، يتوسل لأجل رؤيتك الآن "
...
" حسنا ، سأراه غدا في غرفة الملكة في موعد الزيارات الرسمية، و لا تشكرني بتلك النظرة المضحكة ، أنا ملكة هذه البلاد ، و من واجبي إنقاذ ولي عهدها"
...
شكرتها مجددا منحنيا ، و تركتها ترتاح قليلا حتى لا أفسد أمسيتها
....و هذا هو أحد الجوانب الحانية التي وجدتها في ريزا أحيانا ، هي الملكة و لهذا كان يمكنها ترك ولي العهد المؤقت الذي سيفسد على ابنها أوقات راحته ، لكني على يقين بأن ريزا أحبت ليون من صميم قلبها، نظرتها القلقة و هي تسأل وشت بكل شيء ، تلك كانت تضحية أم لا ملكة
أنت تقرأ
فوضى الحواس
Historia Cortaأيلاحق المرء عمره ؟ ، لا أدري، و لكنني أحاول، أردت تخليد هذه الذكرى حتى لا يندثر كل شيء عني خلف صفحات التاريخ الجوفاء ، يتعلم المرء الكثير عن تاريخ العائلة الملكية هنا ، و لكنه لا ينال منهم سوى بعض الأمجاد المكتوبة بدقة سابقا ، أردت أن أكون ر...