في وسط غرفتها المضاءة بضوء خافت كانت ريمان تتراقص برشاقة أنثوية ساحرة تحت أنغام الجرامافون القديم الذي أخرجته بعناية لتملأ المكان بألحان عذبة تنسجم مع كل حركة من جسدها . ارتدت ثوبًا شفافًا من الحرير ، خفيفًا يلتف حول جسدها الممشوق كأنه ينساب على بشرتها كالماء ، يبرز ملامح أنوثتها في رقة ودون تكلف . كانت تتحرك بخفة وسط الغرفة، تتمايل على إيقاع الموسيقى ، ويديها تعبثان بجسدها بتلقائية تلامس بطنها وأكتافها بلطف تتمايل مع اللحن ذاته.
تردد كلمات الأغنية بنعومة، عيناها مغمضتان ، تعيش في عالم آخر بعيد عن كل هموم الواقع . حركاتها كانت مرنة وكأنها تتحدث بلغة الجسد، تعبر عن كل ما تشعر به من فرح واسترخاء . يديها تتحركان بخفة ، أحيانًا ترفعها عالياً وأحيانًا تمسح على رقبتها ووجهها ، تتابع الرقص كأنها في حلم . لكن على وجهها كان هناك شيء أكثر عفوية بقع من الألوان الأبيض والوردي يلطخان بشرتها الجميلة . كان أثر جلسة الرسم التي قامت بها مؤخرًا ، حيث كانت ترسم زهور اللوز البيضاء التي لاقتها بالأمس .
اللون الأبيض كان ممتدا على جبهتها ووجنتيها ، بينما اللون الوردي كان يشع من شفتيها ومن أطراف أنفها . كانت ملامحها تجمع بين طفولية مدهشة وعفوية فنية ، وكأنها لوحة حية تتحرك في وسط غرفتها
الألوان التي كانت مغطاة على وجهها أعطت لمشهدها جمالا فوضويا مليئا بالإبداع والتلقائية ، كأنها تحمل في كل حركة من جسدها طاقة الفنانة التي لا تزال تسبح في بحر إلهامها.
الجو في الغرفة كان مزيجا بين الحلم والواقع الموسيقى القديمة المنبعثة من الجرامافون ملأت الفراغ بصوت ناعم، بينما الألوان على وجه ريمان تعكس ضوء الغرفة الدافئ . كانت اللحظة مثالية حرية مطلقة في قلب العزلة ، حتى قطع هذه اللحظة دخول والدتها المفاجئ، كما كانت تفعل دائما.
میرا فتحت الباب بخفة ولكن بحزم ، وكأنها معتادة على مشاهد مثل هذه . توقفت ريمان في منتصف حركتها ، وضغطت على أزرار الجرامافون بسرعة لتوقف الموسيقى ، نظرت إلى والدتها وقد أخذت من لحظتها الخاصة . ميرا بابتسامة خفيفة لكن مليئة بالمعاني قالت بهدوء
"هناك رجل بالخارج... يسأل عنك."
تلاشت الموسيقى وحلت الصمت في الغرفة ، بينما نظرت ريمان إلى والدتها بعيون مليئة بالدهشة والفضول.
أنت تقرأ
الغَرِيْـــب المِثَاْلِيْ
Romanceفي فترة تتشابك فيها القيود العائلية مع الخوف من المجهول ، تجد ريمان نفسها أمام قرار والدها العسكري الصارم بالزواج من رجل اختاره لها . كانت خائفة، يائسة، محاصرة بأفكار مظلمة عن مصير مشابه لحياة والدتها التي ذبلت في زواج بلا أمل مع رجل عسكري متجبر. تل...