¹¹-"نبضات مكتومة"

10 4 0
                                    

"الأرجواني القاتم "

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

"الأرجواني القاتم "

.. يوم لطالما حلمت به ريمان ، وهي تتجول أخيرًا في شوارع لندن العاصمة . كانت المدينة تعج بالحياة ، ضوضاء السيارات ، صوت المارة، وضجيج الشوارع يعانقها في كل خطوة تخطوها ، لكنها لم تكن تشعر بالضياع ؛ لأن يد رودولف كانت مشبكة بأصابعها بشكل ثابت، وكأنها حبل يربطها بالواقع . كان يمسك يدها بإحكام ، يخشى أن تفلت منه ، أو أن تتوه في هذا العالم الجديد . همس لها في إحدى اللحظات بابتسامة جانبية "سأقيد يدكِ حتى لا تتوهي بعيدًا عني، أيتها الصغيرة."

كانت نظراته الخضراء تراقبها في كل مرة ، تتعقب كل ما حولها وكل حركة منها ، يدرس تفاصيلها أكثر مما يدرس تفاصيل المدينة . في لحظة ، رأت شيئًا جذب انتباهها بشدة ، شيء كانت تتوق لرؤيته منذ فترة طويلة ، المعرض الوطني ، عيناها تلألأتا بالحماس وهي تتجه نحوه ، تسحب رودولف معها من يده بلهفة .

وقف معها أمام بوابة المعرض الكبيرة ، بينما هي شعرت بشيء من الرهبة والاندهاش بينما تتأمل اللوحات التي تملأ الجدران .حيث اللوحات متراصة على الحائط ، تروي قصصًا من الأربعينات والثلاثينات ، تعكس حياة الملوك والأمراء في حقب زمنية بعيدة . كل لوحة كانت كنافذة تفتح لها بابًا على الماضي ، تتيح لها النظر في أعماق التاريخ من خلال ضربات الفرشاة وتدرجات الألوان .

تسير أمامه ، تتنقل من لوحة إلى أخرى ، وعيناها تلمعان بشغف . في كل مرة كانت تتوقف أمام لوحة ، تنظر إليها بتركيز عميق ، تتفحص التفاصيل والتدرجات ، تتلمس بطرف عينيها كل ضربة فرشاة ، وكل لون مزيج يعبر عن مزاج الفنان وروحه . ثم تعود إليه بحماس ، تشرح له عن كل لوحة، عن تدرجاتها وألوانها، عن قصصها وأسرارها . كلماتها تتدفق بعفوية، تنبض بالإعجاب والانبهار ، تحاول أن تنقل إليه شغفها بطريقة تتجاوز اللغة .

بينما رودولف يستمع إليها بتركيز ، و عيناه لا تفارقانها وهي تتحدث كانت ابتسامة هادئة تلاعب ملامحه ، تعكس إحساسًا بالحب والفخر، يده ترتفع في كل مرة لتلامس خدها بحنان ، أو تلمس أذنها و أقراطها اللؤلؤية ، يحاول أن يسمع كل كلمة تقولها عن قرب ، ضبط الوشاح الذي يلتف حول عنقها بلطف عدة مرات ، يحرص و يتأكد على أنها دافئة ومحمية من برد الخارج .

الغَرِيْـــب المِثَاْلِيْ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن