¹⁴-" لِقاء مَحتوم "

5 3 0
                                    

" اللون البيج "

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

" اللون البيج "

جلس ثيو متراخياً على أريكة غرفة المعيشة، جسده الكبير مستند إلى الخلف ، ساقاه ممدودتان أمامه بتثاقل، وذراعاه مرتخيتان بجانبيه، بينما عينيه تحدقان في الفراغ أمامه بنظرة عميقة لا يظهر فيها أي تعبير . كان يرتدي قميصاً أسود بسيطاً وبنطالاً رمادي اللون ، لم يكترث لتعديل هندامه ؛ فملابسه بدت عليه عفوية ، غير مرتبة لكنها تعكس شيئاً من غموضه الدائم . كانت ملامحه ساكنة ، تخلو من أي حدة أو شعور ، كأنما تجمدت في حالة من اللامبالاة العميقة.

لكن عقله كان متيقظاً، منشغلاً بشخص واحد ، صوفيا . تلك المرأة التي استطاعت أن تحجز لها مكاناً ثابتاً في أفكاره ، وأزعجته بوجودها حتى حين كانت غائبة . كان يشعر بقلق غير مألوف ينهش داخله ، فقد لاحظ أنها لم تخرج من غرفتها منذ الأمس ، لم تظهر عند الصباح لتشرب قهوتها كما اعتادت ، ولم تجادل أحداً أو تشاكسه كما كانت تفعل يومياً . غيابها بدا وكأنه يسحب جزءاً من حيوية المنزل معه ، خلّفت صمتاً ثقيلاً خلفها . وبرغم محاولاته لإخفاء هذا القلق، كان يشعر أن افتقادها أزعجه بصدق ، يحاول إقناع نفسه بأن الأمر لا يعنيه ، لكنه في أعماقه كان يشعر بأن شيئاً ما غير طبيعي.
لم يمض وقت طويل حتى قطعت أفكاره خطوات خفيفة تقترب منه ببطء ؛ كانت مادلين ، شقيقته الصغرى ، تتقدم نحوه وفي يدها قطع من الجزر تقضمها واحدة تلو الاخرى .

قبل أن يمنحها الفرصة للإزعاج أو التعليق ، رمت بنفسها عليه بعفوية، جسدها النحيل احتل أحضانه ، وضعت رأسها على صدره ، كأنها تبحث عن الأمان بين ذراعيه . شعر بثقلها الخفيف، وردّ بشكل لا إراد يمدّ ذراعه حولها يحتضنها برفق ، يده تمر على خصلاتها البنية برفق ، يطمئنها بلمساته دون أن يقول شيئاً.

بينما كانت تستقر في حضنه ، لم يستطع ثيو تجاهل ذلك الجرح الذي توسط عنقها، وقد كان مضمدًا بعناية ، رغم أن بقع الدم بدأت تظهر على الضماد ، ما جعله يعبس قليلاً . بنبرة تحمل شيئاً من القلق الواضح ، سألها بهدوء ، دون أن ينظر مباشرة إلى الجرح ، محاولاً أن يبقي نبرته محايدة "مادلين… ماذا حدث لعنقك ؟ يبدو أسوأ من المرة الماضية."

تنهدت مادلين وهي تتظاهر بعدم الاكتراث ، أجابت بتلقائية"لا تقلق ،  فقط تورم صغير" لكن ثيو لم يقتنع ، نظر إليها نظرة عميقة تفضح قلقه الحقيقي لِيردّ بحزم "مادلين، الجرح حين يتورم لا ينزف كلانا يعرف هذا فأخبريني الحقيقة."

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: 11 hours ago ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

الغَرِيْـــب المِثَاْلِيْ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن