⁹-"دُجْنَةٌ هَــوْجَـاْءِ "

23 4 0
                                    

"الأزرَق الضَبابِــيْ"

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

"الأزرَق الضَبابِــيْ"

في الخارج، حيث ساد الهدوء بعد انتهاء الزفاف وعودة المعازيم، كانت مادلين تقف بجوار شقيقها ثيو، وكأنهما يبتعدان عن صخب الحفلة ليجد كل منهما ملاذًا في الآخر. كانت ترتدي ثوبًا راقيًا من الساتان الأسود، ينساب على جسدها النحيل برقة، وكأنّه يحتضنها بلطف. الثوب كان طويلًا يمتد حتى كاحليها، بفتحة جانبية تكشف عن ساقها، وزخرفات بسيطة تضفي لمسة من الفخامة دون تكلف.

جسدها المنهك كان يستند إلى ثيو، الذي وقف بجانبها بشموخ، يلف ذراعه حولها ليضمها إليه، وكأنّه يحاول إرسال بعض الدفء إلى جسدها المتعب. كان يحمل كعب شقيقته في يده الأخرى، تاركًا قدميها الحافيتين تستريحان على الأرض الباردة، بعد أن أنهكها الحذاء العالي طوال الليلة. وضع سترته على ذراعيها بلطف، لتحميها من برد الليل، وبقيت على هذا الحال مستندة على كتفه، بينما هو يناظر أمامه في صمت.

همهم ثيو بخفة، صوته كان عميقًا لكنه منخفض، كما لو أنه يخشى أن يزعج هدوء اللحظة. "أتعلمين، أؤكد لكِ أنني لا أصدقكِ،" قالها بنبرة مشوبة بالشك، بينما كانت عينيه تتجولان على الجرح العميق الذي كان يمتد على طول عنقها، مضمد بعناية.

أجابت مادلين بابتسامة خافتة، وهي تحاول تخفيف حدة الموقف: "مجرد حادث عمل، ثيو."

لكن ثيو لم يكن مقتنعًا، إذ كانت نظرته تحمل شيئًا من العتاب والقلق. "أنتِ دائمًا تلك الفتاة الشقية التي تضع نفسها في المشاكل، مهما حاولتِ التظاهر بالعكس." شدّ ذراعه حولها ليشعرها بدفء أكبر، وكأنّه يحاول أن يحميها ليس فقط من برد الليل، بل من كل شيء يمكن أن يؤذيها.

كانت مادلين تعرف أن شقيقها لم يُصدق كلمتها، ولكنها فضلت ألا تفتح المجال للمزيد من الأسئلة. وقفت بجانبه، تحتضن اللحظة تلك التي تجمع بين القلق، الدفء، وشعور غير معلن بالأمان، وهو شعور نادرًا ما شعرت به من قبل.

اقتربت مادلين من ثيو أكثر، وكأنها تبحث عن دفء إضافي أو ربما عن إجابة تُبدد حيرتها، بينما كان ثيو يراقب من بعيد شقيقه الأصغر رودولف، الذي بدا لأول مرة بتلك الرتابة والاهتمام مع شخص ما، ومن غيرها تلك الشقراء، ريمان. بدت الحيرة واضحة على ملامحه وهو يسأل بنبرة هادئة، وكأنّه يحاول استيعاب ما يجري: "ماذا يحدث بحق؟"

الغَرِيْـــب المِثَاْلِيْ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن