2

20 4 0
                                    

كانت ميليس تفكر و تنقر على ذراع العرش الذهبي.

أحيانًا، أتساءل عن معنى الخسارة. كيف يفترض أن نشعر عندما نفقد أشخاصاً نحبهم؟ هل يفترض أن نذرف الدموع، أن نبكي حتى يجف حلقنا، أم أن نشعر بشيء ينكسر داخلنا؟ أنا لم أشعر بأي من ذلك.

عندما مات والداي، عندما انهار قصرنا، وقفت هناك، أشاهد الدمار من حولي، وأدركت أن شيئاً داخلي قد تغير إلى الأبد. لم أذرف دمعة.

لم أشعر بالحزن. فقط البرد، برد عميق تسلل إلى روحي، أشبه بنسيم الجبال الشمالية في ذروة الشتاء.

ربما كانت تلك اللحظة التي أدركت فيها أنني لست مثل الآخرين.

لا أعرف إن كان ذلك ضعفاً أم قوة. لكن ما أعرفه بالتأكيد هو أنني لم أعد بحاجة لأحد. كنت وحدي، وهذا كان كافياً.

****

بعد الكارثة بأيام قليلة

اتخذت من قلعة فاليرن، وهي قلعة مهجورة في أقصى شمال الدوقية، منزلاً لي.

كانت باردة، بعيدة عن كل شيء تقريباً، منعزلة على تلة صخرية تطل على الوادي الأبيض، حيث الجليد يغطي كل شيء تقريباً طوال العام.

كان المكان مثالياً لمن يريد أن ينسى العالم وأن يُنسى. هنا، يمكنني التدرب، الاستعداد، وتجميع ما تبقى من حياتي المحطمة.

قبل وفاتهم، كان والداي يحاولان حمايتي من شيء لم أكن أفهمه بالكامل.

كانا يخشيان القوة التي ولدت معي، القوة التي جرت في عروقي مثل سمٍّ قاتل.

عائلتنا، آل ديورانت، لم يكنوا عائلة نبيلة عادية. كانوا حراس الشمال، لكنهم كانوا أيضاً أصحاب قوة قديمة، قوة تتعلق بالشيطان نفسه.

كل جيل من آل ديورانت وُلد بوراثة هذه القوة. قوة تغلف الظلام. قوة الشيطان.

في تلك الأيام التي تلت الكارثة، كنت أستيقظ مع بزوغ الفجر، والبرد يلسع وجهي.

الهواء الجليدي كان ينفذ إلى عظامي، لكنني لم أكن أهتم.

كنت أخرج إلى الساحة المهجورة أمام القلعة، حيث كان الجنود القدامى يتدربون في أزمان بعيدة.

الآن، تلك الساحة كانت ملكي وحدي. كان الوقت قد حان لأفهم ما ورثته. لم أعد أستطيع الهروب.

بدأت بمراجعة ما علّمني إياه والدي.

كان يدرك أنني سأحتاج يوماً لهذه المعرفة، لكنه لم يكن راغباً في أن أصبح ما أنا عليه الآن.

والدي كان قوياً، لكنه كان يحارب الظلام الذي ورثه يومياً.

أنا، من جهة أخرى، قررت أن أحتضن الظلام. أن أفهمه. أن أجعله قوتي، لا عدوّي.

يوميات ميليس: حياة الدوقة المعقدةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن