21

0 0 0
                                    

في اليوم المنتظر

تجمع الأعضاء في قاعة البلاط الإمبراطوري، حيث كانت الأضواء تتلألأ من الثريات الكريستالية، وتعبق الأجواء برائحة العطور الفاخرة.

كانت القاعة مليئة بالنبلاء، كلٌ منهم يتحدث مع رفاقه، يتبادلون النظرات والتعليقات، بينما كنت أدخل المكان، شعرت بعيون الجميع تتجه نحوي.

كنت قد تلقيت دعوة من الإمبراطور شخصيًا، وهو أمر نادر الحدوث، مما زاد من الضغوطات الملقاة على عاتقي.

كنت دوقة ديورانت، ورغم كل شيء، كنت ما زلت الوريثة الشابة التي تحملت الكثير من المسؤوليات في السنوات الأخيرة.

لكن لم أكن هنا لأكون ضيفة شرف، بل كنت عازمة على المشاركة بفاعلية في مجريات الأمور.

عندما جلست على المقعد المخصص لي، لاحظت بعض النبلاء يتحدثون عني همسًا.

كان لديهم آراؤهم الخاصة حول عودتي إلى الساحة السياسية، ولكن ما كان يهمني هو أن أثبت لهم أنني قوية وقادرة.

حاولت تجاهل النظرات المشبوهة، وتركيزي كان منصبًا على الاجتماع.

بدأ الإمبراطور بحديثه، وكانت هيبته تشع في أرجاء القاعة.

"أيها النبلاء، نحن هنا اليوم لمناقشة الأوضاع الراهنة في مملكة ميترا، وبخاصة التحديات التي تواجهنا من الإمبراطورية الشمالية."

كانت كلماته تحمل ثقلًا كبيرًا، مما جعلني أدرك أهمية هذا الاجتماع.

بينما كان الحديث يدور حول التوترات مع الإمبراطورية الشمالية، كنت أستمع بانتباه.

الأحاديث كانت مليئة بالتخوفات حول الحدود، والتهديدات المحتملة.

قررت أن أستغل الفرصة لأطرح أفكاري، فرفعت يدي برفق.

توقفت الأنظار عليّ، وأنا أشعر بخفقان قلبي.

"سيدي الإمبراطور، إذا سمحت لي، أود أن أشارك برأيي."

كان صوتي واضحًا ومحددًا.

"بصفتي دوقة ديورانت، أؤمن أننا بحاجة إلى تعزيز العلاقات مع القبائل المحيطة بنا، والعمل على تطوير تحالفات جديدة يمكن أن تساعدنا في مواجهة التهديدات المحتملة."

تبادلت النظرات مع بعض النبلاء، ورأيت بعضهم يتأملون ما قلته.

بينما كانوا يهمسون، شعرت بنظرة مشجعة من أحد أعضاء البلاط، وهو فارس قديم يعرف عائلتي جيدًا.

"من الجيد أن نسمع صوتًا شابًا يقدم رؤية جديدة."

استمر الحديث، وبدأت الأمور تتجه نحو وضع الخطط اللازمة.

كان كل نبيل يحاول إثبات ولاءه للإمبراطورية، وأيضًا تقديم اقتراحات تتعلق بالأمن.

لكنني كنت أستمع وأحلل، بينما أعمل على صياغة أفكاري.

عندما جاء دوري مجددًا، قررت أن أكون أكثر جرأة.

"إن تعزيز الأمن لا يعني فقط بناء الأسوار، بل يعني أيضًا فهم جذور النزاع. يمكننا الاستفادة من الثقافات المختلفة، والعمل على تحسين العلاقات مع جيراننا، لكن اذا فشلنا في ذلك لن نبتعد عن الحرب ايضا."

كان هذا اقتراحًا غير تقليدي، مما جعل بعض الحضور يرفعون حاجبيهم بدهشة.

رد أحد النبلاء، وهو يحمل نظرة ساخرة.

"وما الذي يجعلك تعتقدين أن أولئك الذين يعتبرون أعداءنا سيقبلون بنا؟"

لكنني لم أكن لأتراجع.

"لأن القوة الحقيقية تأتي من الوحدة، سيدي. وإذا كنا نبحث عن السلام، فعلينا أن نكون على استعداد للاستماع والتفاوض."

بعد انتهاء الاجتماع، شعرت بشيء من الانتصار، رغم أنني كنت أعرف أن الطريق لا يزال طويلاً.

كانت هناك الكثير من الحواجز التي يجب تجاوزها، لكنني كنت عازمة على أن أكون الصوت الذي يتحدث باسم ديورانت.

بينما كنت أخرج من القاعة، اقترب مني أحد الفرسان الأوفياء، وهو قائد الفرسان الخاصين بي.

"أحسنتِ، ميليس. كانت كلماتك قوية، وقد أثرت في الكثيرين."

ابتسمت، لكنني شعرت بضغط المسؤولية.

"لكن لا يزال هناك الكثير لأفعله. يجب أن أثبت أنني أستطيع قيادتهم، وأن أكون واثقة من نفسي."

كان قائد الفرسان ينظر إلي بإعجاب.

"ستنجحين، ميليس. لديك القوة والشجاعة في قلبك."

بعد الاجتماع، قررت العودة إلى قصر ديورانت.

كنت أشعر بشيء من القلق، لكنني أدركت أنني أصبحت أقرب إلى تحقيق أهدافي.

كان لدي الآن قاعدة أقوى لدعم شعبي، والآن، كل ما كان يجب علي فعله هو العمل بجد لتحقيق رؤيتي.

بينما كنت أسير في الحدائق، تذكرت تلك اللحظات التي قضيتها في اللعب هنا كطفلة.

كانت الأرض مغطاة بالأوراق الذهبية، ونسيم الشتاء يلامس وجهي.

"يجب أن أبذل قصارى جهدي،" فكرت.

"لأن كل خطوة أتخذها الآن ستؤثر على مستقبل ديورانت."

استقريت في مكتبي، حيث بدأت أكتب خططي حول ما يجب القيام به.

كنت أريد أن أقوم بتحسين الحياة في الدوقية، وأن أكون صوتًا للشعب.

كلما كتبت، زادت رغبتي في تغيير الأمور.

في تلك اللحظة، شعرت بشيء جديد ينمو في داخلي.

لم أعد مجرد دوقة خائفة من الماضي، بل كنت ميليس، التي تحمل إرث عائلتها، وتجاهد من أجل العدالة والسلام.

وعندما أغلقت دفتري، كنت أدرك أن الرحلة بدأت للتو.

لكن لا يزال علي تلبية دعوة ولي العهد التي سوف يجتمع بها نبلاء بلاط الجيل القادم و انا احدهم.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: 11 hours ago ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

يوميات ميليس: حياة الدوقة المعقدةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن