20

0 0 0
                                    


كانت الغيوم تتجمع في السماء، لكن قلبي كان مليئًا بالعزيمة.

وضعت قدمي على الطريق المؤدي إلى قصر ديورانت في عاصمة ميترا، المكان الذي يحمل ذكريات لا تُنسى من طفولتي.

كطفلة، كنت أرى القصر كمكان للخيال، حيث كنت ألعب وأستمتع مع عائلتي في حدائقه الواسعة.

اليوم، كانت تلك الذكريات تغمرني، لكن الواقع كان مختلفًا تمامًا.

بينما كنت أسير على الطريق، تذكرت كيف كنت أستقل العربة مع والدي ووالدتي.

كان والدي يقود العربة بفخر، ووالدتي تضحك وتروي القصص عن تاريخ الدوقية وعائلة ديورانت.

كانت تلك اللحظات مليئة بالحب، والآن، كل ما أملكه هو ذكرى مؤلمة.

كان القصر يتلألأ في الأفق، مهيبًا كما كان دائمًا، مع تفاصيله المعمارية الجميلة، والأقواس العالية، والحدائق المزهرة التي كانت تزين المدخل.

لكن شعور الغربة كان يسيطر عليّ.

لم أعد الفتاة الصغيرة التي تجري في أروقة القصر؛ لقد أصبحت دوقة محملة بالأعباء الثقيلة.

عندما دخلت القصر، استقبلني الخدم بحفاوة، لكن في عيونهم رأيت نظرات الشك والريبة.

كانت الشائعات حول عودتي قد انتشرت، وأعرف أن بعضهم لا يثق بي.

لكنني كنت مصممة على إثبات قوتي.

قادتني إحدى الخادمات إلى قاعة الاجتماعات، حيث كان من المقرر أن يعقد الاجتماع مع النبلاء.

كانت القاعة ضخمة، تحيط بها النقوش الذهبية والثريات الكريستالية.

جلست على الكرسي المخصص لي، وفي داخلي شعرت بثقل المسؤولية.

كان هناك حوار متبادل بين النبلاء، وعندما بدأت أسمع أصواتهم، أدركت أن بعضهم لا يزال يتحدث عن عائلتي.

كان حديثهم مليئًا بالإشاعات، ويبدو أنهم لم ينسوا الماضي.

لكنني لم أكن هنا لأستمع إلى تلك الأحاديث السلبية.

بمجرد أن دخل الاجتماع، توقفت الأنظار عليّ.

كنت أشعر بالتوتر، لكنني تذكرت ما قاله والدي:

"في كل مرة تشعرين بالخوف، تذكري لماذا أنت هنا."

لقد أعدت ذلك في ذهني، واستعدت شجاعتي.

أخذت نفسًا عميقًا وبدأت بالتحدث.

"أيها النبلاء، أشكركم على وجودكم هنا اليوم. أنا ميليس، دوقة ديورانت، وأعلم أنكم تتساءلون عن غيابي في الاشهر الماضية."

بدأت حديثي، ورغم عدم استعدادي، كنت أريد أن أكون واضحة وصادقة.

تحدثت عن خططي لإعادة بناء الدوقية، والاهتمام بمصالح الشعب.

"أعلم أن الدوق السابق، والدي، كان له مكانة خاصة في قلوبكم، وأنا هنا لأحمل إرثه وأعمل من أجلكم."

كنت أرى بعض الوجوه تتبدل، بعضها يحمل الشك، بينما الآخر بدأ ينظر إلي بتقدير.

استمرت المناقشات، وكنت أستمع إلى الآراء المختلفة.

كانوا يتحدثون عن الوضع الاقتصادي، وعن الأمن في الحدود، وعن العلاقات مع الإمبراطورية الشمالية.

كان كل شيء يتطلب القرارات الصعبة، لكنني شعرت أنني أبدأ في اكتساب ثقتهم.

عندما انتهى الاجتماع، شعرت بشيء من الإحباط.

لم يكن الأمر سهلاً كما تخيلت.

لكنني كنت مصممة على الاستمرار.

"هذا مجرد بداية،"

قلت لنفسي، وأنا أخرج من القاعة.

***

بينما كنت أتجول في القصر، استذكرت اللحظات الجميلة التي قضيتها هنا مع عائلتي.

كانت ذكريات جميلة، لكنني كنت أعلم أنه يجب أن أضع تلك الذكريات جانبًا وأركز على الحاضر والمستقبل.

توقفت أمام نافذة كبيرة تطل على الحدائق، ورأيت الأزهار تتفتح كما كانت تفعل في الماضي.

تذكرت كيف كنت ألعب هناك، وكيف كانت والدتي تأتي لتجلس معي وتروي لي القصص.

"لا يمكن أن أنسى تلك الأيام،"

همست لنفسي، وأنا أشعر بدمعة تتجمع في عيني.

أخذت نفسًا عميقًا، وحاولت استعادة قوتي.

كان عليّ أن أكون قوية، كما كانت والدتي.

كانت تلك اللحظات العاطفية جزءًا من من تكون ميليس، ويجب أن أستخدم تلك الذكريات لدفع نفسي إلى الأمام.

بينما كنت أغادر قاعدة الاجتماعات المنفصلة عن القصر شعرت أنني أبدأ في إعادة بناء الرابط الذي فقدته مع هذا المكان.

لم أكن هنا فقط كدوقة، بل كفتاة تحمل إرث عائلتها، وشعرت أنني أستطيع مواجهة التحديات المقبلة.

في طريق العودة، قررت أن أستعد لأكبر التحديات.

كان عليّ أن أكون مستعدة للدفاع عن مملكتي، ولإثبات أنني أستحق هذا اللقب.

"أنا ميليس، دوقة ديورانت، وسأثبت لكم جميعًا أنني هنا لأبني مستقبلًا أفضل لشعبي."

كانت تلك الكلمات تدور في رأسي، وبدأت أشعر بأنني أستعيد ثقتي.

يوميات ميليس: حياة الدوقة المعقدةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن