في صباح اليوم التالي، مع بزوغ الفجر، وقفت ميليس عند نافذة قاعة قلعة فاليرن، تتأمل السماء الباردة والشاحبة.ضباب الشتاء يتكاثف فوق التلال المغطاة بالجليد، والرياح تهب بشدة كأنها تهدد بتحطيم كل شيء في طريقها.
العالم الخارجي بدا كما هو دائماً—موحشًا وقاسيًا—ولكن داخل ميليس، بدأت القوة تتشكل.
يومًا بعد يوم، تدريبها على السيطرة على الظلام منحها ثقة جديدة، ومع ذلك، شعرت بظل ثقيل يخيم على عقلها، كان هناك شيء ما قادم، شيء لم تتمكن بعد من تحديده.
بينما كانت تتابع الأفكار في ذهنها، سمعت صوت أقدام تقترب من باب القاعة.
كان الصوت هادئًا، لكنه مصحوب بثقل يدل على الشخص الذي قادم.
تحركت ميليس نحو الباب، وفتحت بتردد بسيط.
أمامها وقف رجل طويل القامة، برداء فارس داكن اللون، وعيناه تشعان بقوة وعزم.
كان هذا الرجل هو فاليريوس، قائد فرسانها الشخصيين الذين خدموا عائلة ديورانت لأجيال.
كان فاليريوس معروفًا بولائه المطلق للعائلة، وقوته التي لم يُشك بها أحد قط.
رغم أن عائلة ديورانت كانت في أسوأ حالاتها بعد الكارثة، إلا أن فاليريوس بقي صامدًا، مخلصًا كما كان دائمًا.
الآن، بعد غياب طويل في رحلات لمهام خاصة، عاد للقلعة كما وعد ميليس في يومه الأخير قبل مغادرته.
"سيدتي ميليس..."
قال بصوت خافت ومهيب بينما ركع على إحدى ركبتيه.
"لقد عدت لخدمتك، ولأكون سيفك ودرعك في الأيام القادمة."
نظرت إليه ميليس ببرودها المعتاد، لكنها شعرت بشيء من الراحة لرؤيته مجددًا.
"فاليريوس... لم أكن أتوقع عودتك بهذه السرعة. هل انتهت مهمتك؟"
رفع رأسه ونظر مباشرة إلى عينيها، تلك العيون التي أصبحت تعكس القوة والشجاعة التي لطالما عرفها في سيدته.
"المهمة اكتملت، لكنني شعرت أن الظلام يتزايد هنا في الشمال. هناك إشاعات كثيرة تتحدث عن تحركات غريبة على حدود الدوقية الشمالية، ولا يمكنني تجاهل هذه الأمور."
تحركت ميليس ببطء، مشيت نحو نافذة القاعة مجددًا، لتعود لنفس المشهد الجليدي الذي كانت تراقبه قبل لحظات.
"الشمال دائمًا يعج بالظلام، تلك التحركات ليست جديدة. ولكن هناك شيئًا آخر، أليس كذلك؟"
لم يرد فاليريوس فورًا، لكنه وقف واستعاد وقفته العسكرية.
"نعم، سيدتي. وصلتني تقارير مؤكدة من بعض الجواسيس أن ولي العهد، الأمير فيكتور، قد بدأ بتحريك قواته نحو الحدود الشمالية. يبدو أنه يخطط لزيارة الدوقية قريبًا."
ميليس لم تُظهر أي علامات دهشة، لكنها أدركت أن هذا التطور قد يحمل معه تعقيدات جديدة.
"فيكتور..."
تمتمت باسم ولي العهد الذي لم تره منذ سنوات.
لم يكن اللقاء الأول بينهم ودّيًا تمامًا، ولم تكن لديها أي أوهام حول نواياه.
فيكتور كان دائمًا رجلاً يسعى وراء مصالحه الخاصة، وميليس كانت تعرف جيدًا كيف يلعب هذا النوع من الرجال.
"إذاً، يبدو أن الزيارة قريبة."
قالت ميليس بصوت هادئ، ثم استدارت لتنظر إلى فاليريوس مجددًا.
"هل تعتقد أنه جاء ليطلب دعمنا في الحرب؟"
أومأ فاليريوس ببطء.
"الأمور تشير إلى ذلك. القوة التي تمتلكينها كحارسة الشمال هي ما يحتاجه، وهو يعلم أن التحالف مع عائلة ديورانت قد يعطيه التفوق الذي يبحث عنه."
ميليس لم ترد على الفور. كانت تفكر في كل ما قد يحدث إذا تورطت في هذا النزاع.
القوة التي بدأت تفهمها والسيطرة عليها قد تجذب إليها الكثير من الأنظار.
كما أن لعب دور الدرع لولي العهد لم يكن جزءاً من خططها المستقبلية.
كان لديها أهداف أخرى أكبر من مجرد حماية شخص يسعى لاستغلالها.
"إذاً، هو يرى فيّ سلاحًا."
قالت أخيرًا، بلهجة تعكس استنكارها.
"هذا متوقع من فيكتور ولي العهد."
"لكنني هنا لأذكرك سيدتي،"
قال فاليريوس بصوت مليء بالحزم،
"أن عائلة ديورانت لم تكن يومًا مجرد أداة بيد أحد. قوتك هي ملكك، وقرارك هو ما يحدد المستقبل. إذا أراد فيكتور استخدامك، فهو بحاجة لأن يفهم من تكونين."
ابتسمت ميليس ابتسامة باهتة.
كانت تعلم جيداً أن فاليريوس لطالما كان درعًا حاميًا لها، لكن الزمن تغير، وهي لم تعد تلك الفتاة الصغيرة التي تحتاج للحماية.
"أنت محق، فاليريوس. سنرى ما يريده فيكتور عندما يصل، لكن في النهاية، القرار سيكون لي وحدي."
"كما تشائين، سيدتي."
قال وهو يضع يده على صدره بإجلال.
استدارت ميليس عنه مجددًا، لتنظر إلى الساحة الفارغة خارج القلعة.
"سأكمل تدريبي اليوم. القوة التي ورثتها لن تقف عند هذا الحد. الظلام في داخلي ما زال يتربص، لكنني لن أدعه يحكم مصيري. لقد حان الوقت لأتحكم به بالكامل."
"أتريدين مني مساعدتك في التدريب؟"
سأل فاليريوس بحذر.
هزت ميليس رأسها برفق.
"ليس اليوم. اليوم سأقاتل وحدي."
تركها فاليريوس وهي تتجه نحو ساحة التدريب.
كانت ميليس تعلم أن الأيام القادمة ستحمل معها تحديات جديدة.
فيكتور قادم، ومعه نواياه الخاصة، لكن ما لم يعرفه أحد حتى الآن هو أن ميليس لم تعد مجرد وريثة لعائلة نبيلة.
لقد أصبحت شيئاً أكثر بكثير.
أنت تقرأ
يوميات ميليس: حياة الدوقة المعقدة
Fantasiفي عيد ميلاد وريثة ديورانت الرابع عشر تعرض القصر للهجوم و تم قتل والديها امامها، تصبح ميليس الدوقة و ترث مسؤولية هائلة حيث تضطر إلى ان تواجه الكثير من المصاعب و العقبات لتحقيق احلامها، ادارة الدوقية، حماية الامبراطورية، التحكم بالقوة الشيطانية، هل ت...