الفصل الأول: عودة إلى الجذور

21 3 0
                                    


تسارعت نبضات قلب جيني مع اقتراب الطائرة من مطار سيول. كانت تنظر من النافذة، ترى السحب تتلاشى وتفسح المجال لمدينة كوريا التي تعرفها جيدًا، ولكنها لم تعد تشعر بأنها تنتمي إليها. شعور مزدوج اجتاحها؛ الحنين إلى الوطن والرغبة في الهروب من ذكرياتها المؤلمة.

ندما هبطت الطائرة، استقبلتها رائحة الأرض المألوفة، لكنها لم تكن كافية لإبعاد طيف الماضي الذي كان يتبعها.اول مكان خطر ببالها منذ ان داست قدمها ارض سيول "قبر والدتها". في طريقها إلى قبر والدتها، شعرت بكلمات لم تقم بنطقها منذ سنوات تتعثر في حلقها.

وقفت أمام القبر، ووضعت باقة من الزهور البيضاء على الحجر البارد. كان صمت المكان مهيبًا، وكأن الوقت توقف. دامت الدموع في عينيها، وكأنها كانت تقول كل ما لم تستطع قوله في الماضي. "أفتقدك، أمي..." همست بصوت خافت، بينما كانت ذكرياتها تتدفق في عقلها، تتذكر تلك اللحظة الرهيبة التي غيرت كل شيء.

تمنت لو تستطيع أن تعود إلى ذلك اليوم، لتخبر والدتها بأنها بخير، وأن كل شيء سيكون على ما يرام. لكن الكلمات لم تكن كافية. جلست على العشب بجانب القبر، وغمرت نفسها في الذكريات: ضحكاتها، احتضان والدتها الدافئ، والأمان الذي كان يشعرها به صوتها.

مرّت عدة دقائق، لكن الزمن بدا وكأنه قد توقف. شعرت بأن روح والدتها لا تزال موجودة في هذا المكان، وأنها تحاول الوصول إليها، لكن الألم كان عميقًا جدً

فقدت السيطرة على مشاعرها واجهشت بالبكاء .حتى بعد 10 سنوات منذ تلك الحادثةالماساوية هي مازالت تتذكر مشاهد مما حصل  تراودها على شل كوابيس حرمتها من النوم لايام .... مازالت تلقي اللومعلى نفسها رغم انها كانت مجرد فتاة في العاشرة من عمرها .

وقفت هناك لدقائق اخرى ثم تركت السيطرة لقدميها لترى اين ستقودها ... تقدمت خطوة تلوو الاخرى وبعد مدة من السير عديم الهدف وجدت نفسها تقف امام ذلك المنزل .....منزلها القديم، حيث شهدت أسعد أيام حياتها. لكن عند وصولها، وجدت نفسها أمام مبنى مهجور، تتناثر حوله الذكريات مثل أوراق الخريف. كانت الجدران تتشقق، والنوافذ مكسورة، كأنها تروي قصة الفقد.

تجولت في حديقة المنزل، حيث كانت تلعب مع والدتها، لكن الآن كانت الأشجار تنمو بشكل غير منظم، كأنها تعكس حالة قلبها. صمت قاتل يحيط بها، يذكرها بكل ما فقدته

عندما دخلت إلى المنزل، انطلق قلبها في تسارع. تجولت في أرجاء المكان، حتى وصلت إلى غرفتها. كانت الغرفة مظلمة ومهجورة، لكن ذكريات طفولتها كانت لا تزال تعيش فيها. اقتربت من الزاوية، حيث كانت تلعب في السابق. وفجأة، لمحت شيئًا يلمع تحت الغبار.

أسرعت إلى دميتها القديمة، تلك التي كانت تمسكها في ذلك اليوم الرهيب عندما توفيت والدتها. كانت ملابسات الدمية مغطاة بالغبار، لكن جيني شعرت بارتباط عميق بها. لم تستطع أن تمنع نفسها من احتضانها، وكأنها تعيد إلى ذاكرتها جزءًا من طفولتها المسلوبة.

Memories in the Ashes // TAENNIEحيث تعيش القصص. اكتشف الآن