روح لـونـا

13 4 0
                                    


"الثقة مثل المرآة، إن تحطمت، يمكنك إصلاحها، لكن لن ترى نفس الصورة أبداً."

# سـمـوم
---------------------------

كانت السماء ملبدة بالغيوم الكثيفة، والطريق أمام أحمد وقدر أصبح وكأنه يبتلع ضوء النهار شيئًا فشيئًا. الرياح تعصف بشدة، والمطر بدأ يتساقط بغزارة، لدرجة أن الرؤية أصبحت شبه معدومة. لم يكن أمامهما خيار سوى البحث عن ملجأ قريب يقيهما شر العاصفة.

"إيه دا؟!" صرخت قدر وهي تشير إلى بيت قديم يظهر من بين الأشجار، محاطًا بمقابر مهجورة.

أحمد متردداً: "بيت وسط مقابر؟ يا اختااي ده فيلم رعب جاهز. بس الدنيا مطر علينا... إيه رأيك؟"

قدر ضاحكه ومرتعشه من الخوف: "يا عم ندخل نستخبى شوية، المهم ما نبقاش برة."

عندما وصلا المنزل تقدما بخطوات ثقيلة نحو البيت. واجهته متشققة، والنوافذ مظلمة كأنها عيون جوفاء تراقبهما. فوق الباب كان مكتوبًا بحروف باهتة باللغة غير مفهومه لهما " روح لونا من يدخل لا يخرج. "

أحمد وهو يضحك بسخرية: " هه الكاتب غبي علي أساس فهمنا يعني ده افترضنا تحذير نعمل أي دلوقتي ولو تحذير فهو رخيص لأنه بدون فايدة. "

فتح الباب بصعوبة، ليُظهر البيت من الداخل. كان خاليًا تمامًا. الجدران قديمة، والمكان مظلم تمامًا إلا من بعض البرق الذي يتسسلل عبر النوافذ.

قدر وهي تهتز من الرعب: "إحنا إيه اللي جابنا هنا؟ يا أخي أنا قلبي بيخبط."

أحمد محاولاً تلطيف الجو: "يا أختي ما تخافيش، دي مغامرة.... بس لو شفتي حاجه بتتحرك، قولي."

الرياح كانت تعصف من الخارج بشكل يوحي بأن هذا البيت كان ملجأ مهجورًا لسنوات طويلة. كل ركن فيه كان يروي قصة من الرعب. وعلى الرغم من محاولات أحمد لإضافة جو من الفكاهة، كانت الظلال الملتفة لهم تحمل شعورًا بالخطر المتربص.

أخذ أحمد وقدر يتجولان في البيت. صرير الأرضية تحت أقدامهم كان الصوت الوحيد الذي يرافقهما.

أحمد بضحكة:" يا أختي البيت ده مش مسكون، ده مهجور أنتِ بس شربت قهوة زيادة النهاردة ولا إيه؟"

قدر وهي تنظر حولها بتوتر: "يا أحمد... في حد هنا، أنا حاسه. بتحس إن في حد بيراقبك، صح؟"

وفجأة سامعا صوتًا غريبًا يأتي من الطابق العلوي. صوت خطوات بطيئة وكأن أحدًا يجر قدميه على الأرضية الخشبية.

قدر مرتعبه: "يا أحمد...
اسمع! في حد فوق! مين معنا في البيت ده؟"

أحمد وهو يحاول السيطرة على خوفه: " أكيد ريح... أكيد ريح يا ست، ما تقلقيش. "

الصوت ازداد وضوحًا، ولم يكن له تفسير منطقي. كان وكأن هناك شخص آخر معهم في البيت. الخوف بدأ يسيطر على قدر، لكن أحمد حاول يتظاهر بالقوة.

صعدا الدرج ببطء، كل خطوة كانت تزيد من التوتر. الطابق العلوي كان أكثر ظلامًا وبرودة. عند وصولهما إلى الغرفة الاولى، وجدا الباب مفتوحًا، لكنه كان يصرخ بصوت مروع مع كل نسمه هواء.

قدر وهي تنظر لأحمد بنظرة مليئة بالخوف:" بقولك إيه... ننزل، نرجع العربية ونمشي."

أحمد بابتسامة ساخرة" لا وانتِ الصادقة انتِ ناسية إننا كملنا مشي بسبب إنها عطلانه؟ "

أكمل وهو علي نفس الحال ولكن بعصبية بعض الشيء: "مش ممكن نرجع دلوقتي، الدنيا بتمطر بجنون برة... خلينا نكمل."

فتح أحمد الباب ببطء، ليجد هيكل عظمي منتصب علي الحائط بطريقة تدب الرعب في قلب من يراه رغم أنه لا يتحرك و لكنه كان يحمل شعورًا بالرهبة.

أحمد محاولًا المزاح: "أهوه ولا عفريت ولا بطيخ تلاقي بس صاحب البيت كان دكتور ولا حاجه وده هيكل تجارب."

وفجأة انطفأت الأضواء بالكامل. الرياح توقفت. الجو أصبح خانقًا.

قدر برعب: "أحمد... أنا مش شايفه حاجه... في إيه."

وفي لحظة، بدأت الأبواب تغلق بقوة، وسمع صوت صراخ يأتي من داخل الجدران. الظلال تحركت بشكل غير طبيعي حولهما.

قدر وهي تصرخ: "في حد هنا!!!

الظلال بدأت تلتف حول أحمد حاول الهروب، لكنه شعر بقوة غامضة تسحبه إلى الداخل.كان يحاول الصراخ لكن الصوت اختفى. عيونه امتلأت بالرعب وهو ينظر إلى قدر طالبًا المساعدة.

كان قدر تقف في حالة صدمة، عاجزه عن الحركة وهي تشاهد ذالك الهيكل ممسكًا بي أحمد يرفعه عن الأرض بقوة غير مرئية. جسده بدأ يتشوه بشكل بشع، وكأن العظام كانت تتكسر من الداخل.

قدر بصدمه:" أحمد... أحمد!! "

الدماء بدأت تنهمر من فم أحمد، جسده كان يلتوى بشكل مخيف. في لحظة واحدة، اختفى صوته تمامًا وأصبح جسده كتلة متحركة مشوهة قبل أن يسقط هلى الأرض بلا حراك.

قدر مرتجفه وهي تبكي: "يا رب.... يا رب أحمد مات... مات قدامي!"

قدر لم تتحمل رؤية ما حدث لأحمد. عقلها بدأ ينهار. الخوف سيطر عليها بالكامل، وكانت تشعر بأن البيت يلتف حولها، يغلق عليها من كل جانب. كان تسمع أصواتًا و همسات غريبة تدعوها للانضمام إلى أحمد.

قدر وهي تصرخ: "أنا مش هقدر أكمل! أنا مش عايزا أموت هنا!"

الكآبة والغموض تملكا قدر. لم يكن هناك مفر. أخذت تنظر حولها بحثًا عن أي وسيلة لإنهاء هذا الكابوس. وجدت نافذة مفتوحة، وصعدت إليها دون تردد.

قدر وهي تتنفس بصعوبة:" أحمد جايه لك مش هسيبك وحدك هنا."

وفي لحظة يأس قفزت من النافذة، لتنهي حياتها كما شاهدت النهاية المأساوية لأحمد.

ترك ذالك الهيكل ساكني البيت الجدد خلفه، جثتين لا يمكن لأحد العثور عليهما، بينما لم يكن ذالك الهيكل لأحد غير لونا وهيا تلك العبارة التي كتبت علي الباب مجددًا بدماء أحمد ولكن هذه المرة باللغة مفهومه!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

# سـمـوم

ᥣ᥆ᥲꪀ'᥉ ᥉᥆ᥙᥣحيث تعيش القصص. اكتشف الآن