لعـنـة لا تنتهي

6 1 0
                                    


"الحقيقة ليست نوراً يضيء الطريق، بل جرحٌ عميق يتسلل إلى أرواحنا ليكشف الظلام الذي نحاول تجاهله. هي صرخة مكتومة في عمق الكيان، تؤلم أكثر كلما اقتربنا منها، تُجبرنا على مواجهة كوابيسنا كما هي، عارية ومفزعة، تلتهم راحتنا وتبتلع أحلامنا."

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مرت السنوات، ولم يجرؤ أحد على الاقتراب من البيت الملعون. القصة انتشرت في جميع أنحاء القرية، حتى أن الناس الذين لم يعيشوا الواقعة أصلاً أصبحوا يتناقلونها وكأنها أسطورة حية. البيت الذي سلب أرواح المغامرين والمحققين لم يُمس، وما زال واقفًا كرمز للغموض والخوف.

لكن في يومٍ ما، شاب غريب عن القرية وصل من مكان بعيد. كان اسمه سليم، معروفًا بين الناس بحبه للمغامرة والغوص في أسرار الأماكن المهجورة. عندما سمع عن البيت الملعون، شعر برغبة قوية في مواجهة هذا الخطر الذي أرهب الجميع.

سليم وهو يضحك بثقة: "مجرد بيت قديم... كل الكلام ده خرافات. محدش هيموت جوه بيت، أكيد كل اللي حصل كان خوف زايد مش أكتر."

لم يكن سليم مثل الآخرين، فهو لم يعرف الخوف. أو على الأقل، كان يعتقد ذلك. فبينما حاول أهل القرية تحذيره، رفض الاستماع، وأصر على دخول البيت. كان يظن أن شجاعته وحدها كافية ليخرجه سالماً.

في ليلة مشؤومة، توجه سليم إلى البيت. كانت الرياح تعصف بقوة وكأنها تحاول منعه من مواصلة طريقه، لكن إصراره كان أقوى من أي عاصفة. اقترب من بوابة المقبرة، وتسلل نحو البيت المهجور.

سليم بتحدٍ وهو يقف أمام الباب: "روح لونا؟ ههه، أنا هنا... وأنا اللي هطلع."

فتح الباب، فاستقبله الظلام الدامس من الداخل. كل شيء كان يبدو عاديًا في البداية، الغبار يغطي الأثاث المهترئ، والأبواب تئن تحت وطأة الزمن. لكن فجأة، بدأت الهمسات... تلك الهمسات التي حذره منها الجميع.

الصوت الهمسي من الجدران: "إنت هنا... كنت مستنيك."

تجاهل سليم تلك الهمسات في البداية، ظنًا منه أنها مجرد أوهام من خياله المرهق. لكنه كلما توغل داخل البيت، أصبحت الأصوات أكثر وضوحًا، وأقرب.

لونا في همس مستمر: "هنا... هنا مش هتخرج."

سليم بخوفٍ داخلي: "إيه اللي بيحصل؟ الصوت ده... مش طبيعي."

فجأة، ظهرت أمامه تلك الدمية التي رآها المحققون من قبل. نفس الثوب القديم، نفس العيون الغامضة التي تلمع في الظلام. لم يكن سليم يتوقع هذا المشهد المرعب. تراجع خطواته بسرعة، لكن الدمية حركت رأسها نحوه ببطء مرعب.

سليم بصوت مرتعش: "إيه ده؟ إزاي بتحرك؟"

لونا (بصوت مرعب): " أهلا بيك هتبقى جزء من البيت ده زي اللي قبلك. "

سليم (برعب): "إنتِ... مين؟"

لونا (بصوت آتى من الجحيم):" اللي هتاخد روحك."

الجو أصبح أكثر برودة، والرياح داخل البيت بدأت تعصف بشكل غير مبرر. كانت الأبواب تغلق واحدة تلو الأخرى، وكأن البيت نفسه يرفض أن يتركه يخرج. حاول سليم الوصول إلى الباب الرئيسي، لكن كلما اقترب منه، كانت الأرض تحت قدميه تهتز، وكأن البيت بأسره يحاول ابتلاعه.

سليم وهو يصرخ: "لاااا... لازم أخرج! مش هقدر أفضل هنا!"

لكن كل محاولاته باءت بالفشل. الأرض بدأت تتشقق تحت قدميه، والظلام من حوله كان يبتلعه ببطء. وفي لحظة، شعر بيد باردة تُمسك بكتفه.

لونا بصوت مخيف قريب من أذنه: "اللي بيدخل هنا ما بيخرجش... دلوقتي بقيت جزء مني."

"سليم حاول أن يجمع شتات عقله، ويحاول الهروب. ولكن تلك الأرواح التي كانت تحوم حوله، لم تعطيه الفرصة في الهرب. "

سليم (برعب قاتل): " أنا... أنا... لازم اهرب... من هنا."

حينها أدرك سليم أنه تهور في الدخول إلى ذالك البيت وبينما هو غارق في تلك اللحظات الجحيمية لمح شيئًا مكتوبًا على الأرض بدماء قد جفت منذ زمن."

"لم يستطيع سليم أن ينفذ ما قرأهه لأنه كان في أخر لحظاته ولكنه قد أدرك طريق الخروج وكسر اللعنة ولكنه لم يكن المؤهل لها. "

كانت تلك آخر لحظات سليم. صرخات الرعب التي انطلقت منه لم تصل إلى أي أحد في الخارج، فالبيت ابتلعه كما ابتلع غيره من قبل. لم يترك له أي مخرج.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عاد أهل القرية في الصباح التالي إلى المقبرة ليجدوا بوابة البيت مفتوحة. لكن سليم لم يكن هناك. لم يكن هناك أي أثر يدل على أنه دخل البيت، وكأن الأرض نفسها قد ابتلعته. علموا أن اللعنة لم تنته، وأن البيت الملعون سيظل يبتلع كل من يحاول التحدي.

ومع كل شخص يدخل، كانت قوة لونا تزداد، وكانت الهمسات التي تملأ أرجاء المقبرة تزداد رعبًا، تخبر الجميع بالحقيقة المروعة:

"روح لونا ما بتسيبش حد... واللي بيدخل هنا... عمره ما بيخرج."

البيت ظل واقفًا، تلك الجملة ما زالت مكانها فوق الباب "روح لونا... احترس لونا في الارجاء" ، ينتظر ضحايا جدد، وأصبح مع الوقت أسطورة يحكيها الجميع، لكن لم يعد أحد يجرؤ على الاقتراب، إلا من يريد أن يُضاف إلى قائمة الأرواح المحبوسة إلى الأبد داخل جدرانه الملعونة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سـمـوم

ᥣ᥆ᥲꪀ'᥉ ᥉᥆ᥙᥣحيث تعيش القصص. اكتشف الآن