غـربـاء جـدد

7 3 0
                                    

"الفضول طريق مظلم، يسحبك نحو أسرار مدفونة، حتى تبتلعك ظلمات لا رجوع منها."

# سموم

---------------------------

عندما ارتطمت جثة قدر بالأرض، ساد الصمت مرة أخرى حول البيت. لا صوت للرياح، لا قطرات مطر تسقط، وكأن كل شيء قد توقف لحظة وفاته. لم يكن هناك سوى صدى صرخاته الأخيرة يتردد داخل الجدران. البيت الذي شهد على نهايتهما، ظل ماثلًا في مكانه، كأنه لا يزال يتنفس الهدوء الذي لطالما أحاط به منذ أن سكنته لونا، تلك الروح الغامضة التي لا يزال سرها محجوبًا عن العالم الخارجي.

في تلك اللحظات، ارتفعت الأصوات مرة أخرى، ولكن هذه المرة كانت تلك الهمسات أعلى، أكثر وضوحًا. كانت الأصوات تحاكي صرخات قدر وأحمد وكأن البيت استوعب أرواحهما بداخله، وظلت أصواتهما جزءًا من لعنة لونا التي تسيطر على كل من يجرؤ على الاقتراب من ذلك المكان.

---------------------------

بعد أيام قليلة، في وقت الظهيرة، كانت سيارة صغيرة تعبر الطريق الذي يؤدي إلى المقابر حيث يقع ذلك البيت الغريب. رجل وامرأة، باحثان عن المغامرات الغريبة، قررا استكشاف المكان بناءً على قصص سمعاها من أهل القرية المجاورة.

الرجل ضاحكًا: "إنتِ متأكده إن في بيت هنا؟ ده شكل مقبرة مش مكان لبيوت."

المرأة وهي تحدق بالمكان بفضول: "أنا سمعت عن البيت ده... بيقولوا اللي بيدخل ما بيخرجش. بس إحنا هنا عشان نكتشف الحقيقة، مش كده؟"

السيارة توقفت أمام البيت، وكل شيء بدا وكأنه طبيعي، إلا من الهدوء الغريب الذي يلف المكان. وقفت المرأة أمام الباب لتقرأ العبارة المحفورة عليه: "روح لونا... احترس لونا في الجوار." لم تفهم بالضبط ما تعنيه، لكنها شعرت برعشة غريبة تسري في جسدها.

المرأة بتردد: "إيه يعني؟ مجرد كلام... خلينا ندخل."

الرجل محاولًا التظاهر بالقوة: " تلاقي حد كتب الجملة دي عشان يخوفنا ولا حاجة يلا ندخل ونكتشف إي اللي جوا"

المرأة بخوف: "مش عارفه بس أنا حاسة إن البيت ده مش مريح."

---------------------------

أمسك زوجها بيدها حينما فتحا الباب ودخلا إلى الداخل، كان كل شيء في الداخل كما هو. البيت خالٍ، لكن هناك شعورًا غريبًا بالخوف يتسلل إلى القلوب من دون سابق إنذار.

الرجل وهو يحاول كسر حاجز التوتر: "ولا بيت مسكون ولا حاجة... مجرد بيت قديم. ده كله وهم."

"لم يكد يكمل جملته، حتى سمع صوت إرتطام في الطابق العلوي دليل على وجود أحدًا غيرهم في البيت."

المرأة بخوف: "مين... مين فوق يكون في حد دخل قبلنا أو قطة؟"

الرجل وهو يحاول التماسك: "أكيد ده قطة تعالي نطلع نشوف أو يمكن في حد ومحتاج مساعدة."

المرأة: "أنا مش مرتاحة تعالى نرجع."

"عندما صعدا معًا إلى الطابق العلوي ودخلا تلك الغرفة لم يكن ذالك الهيكل الذي وجده أحمد وقدر موجودًا بداخلها."

الرجل: " شوفتي مفيش حاجة غير مجرد دمية صغيرة، مفيش لعنة ولا غيره كل دي خرافات."

وفي اللحظة التي قال فيها ذالك، بدأت الأرض تهتز تحت قدميهما. الأبواب أغلقت فجأة، وأصبح الظلام يغمر المكان كما حدث مع أحمد وقدر من قبل.

المرأة وهي تصرخ برعب: "إيه اللي بيحصل؟! إزاي الباب اتقفل؟!"

الرجل محاولًا فتح الباب بقوة: "اللعنة... الباب مش راضي يفتح! يا إلهي!"

بدأت الأصوات القديمة تتكرر، الهمسات التي سمعتها قدر منذ زمن بعيد عادت لتتردد في أرجاء البيت، كأنها تروي قصص مَن دخلوه ولم يخرجوا. الضحايا الجدد بدؤوا يفهمون ببطء أن هذا البيت ليس مجرد جدران، إنه لعنة متجددة، تأخذ كل من يعبر بابه وتضيفه إلى سجلها المرعب.

"شاهدت المرأة زوجها وهو معلق في الهواء بقوة غير مرئية، مثل ما حدث مع أحمد سابقًا كان يتلوي من الألم أمامها. جسده بدأ في التشوهه في شكل بشع، غير قادرة علي الحراك. كأن هناك قوة عظيمه تثبتها مكانها. "

"كان الرجل يحاول أن يصرخ، ولكن مهلًا لا يوجد جدوى، فقد أصبحت روحه ملكًا لي لونا، و جزءً لذلك البيت. لم يعد له الحق في إستراجعها. ها هو الآن يسقط جثة هامده أمام زوجته. وروحه تعوم في الأرجاء، مليئة بالحقد، والغضب منتظره أرواحًا جديدة. تنضم إليهم حتى تصبح جزءً من تلك اللعنة."

"عندما أدركت المرأة ما حدث لزوجها؛ قد كان جزءً كبيرًا من عقلها قد تلف، ولكنها لم تكن لتستلم لذالك البيت الملعون. حاولت أن تجد سبيًلا للهروب من تلك اللعنة. ظلت تبحث في أرجاء تلك الغرفه، ولم تكن لتجد شيئًا إلا ذالك الباب."

وفي اللحظة التي حاولت المرأة فيها الهروب من خلال النافذة، سمعت صوتًا قادمًا من الجدران، صوت قدر، وهو تصرخ: "مش هتخرجي... ده مكانك دلوقتي!"

وفي تلك اللحظة، أدركت أن لعنة البيت ليست مجرد أسطورة، وأن روح لونا التي كانت تسكنه لا تزال تنتظر أرواحًا جديدة لتسلبها.

"وماتت تلك المرأة، في محاولة منها للهروب من لونا. ولكن من يستطيع فعل ذالك؟ لم ولن يوجد شخص، يستطيع كسر تلك اللعنة."

--------------------------

كُتبت تلك العبارة مجددًا بدماء الضحايا الجدد، وظل ذالك البيت قائمًا في مكانه، يشهد على كل مَن يدخل إليه دون أن يخرج. وكلما مر الزمن، انتشرت القصص أكثر عن تلك الأرواح التي سكنت المكان، وجعلته ملاذًا للذعر والرعب الذي لا يفر منه أحد.

ᥣ᥆ᥲꪀ'᥉ ᥉᥆ᥙᥣحيث تعيش القصص. اكتشف الآن