شـبـح اللـعـنـة

7 2 0
                                    

"الخيانة هي أن تسلم قلبك ليدٍ ظننتها أمانك، ثم تكتشف أنها اليد التي ستطعنك في أعمق نقطة."

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بعد أشهر من الحوادث الغامضة التي حدثت في ذلك البيت، بدأ القرويون يتجنبون الحديث عنه، وكأن مجرد ذكره قد يجلب اللعنة على من ينطق به. إلا أن الفضول لم يكن لينتهي عند هذا الحد. الصحف المحلية بدأت تكتب عن اختفاء الغرباء، وتحولت القصة من مجرد خرافة إلى لغز يبحث عنه المتخصصون في الأمور الغامضة.

في إحدى الليالي الباردة، وصلت مجموعة من المحققين الهواة، كانوا قد سمعوا بالبيت اللعين وأرادوا توثيق كل شيء. وصلت المجموعة المكونة من أربعة أشخاص إلى بوابة المقبرة، حاملين معهم معدات تصوير وأجهزة تسجيل الأصوات.

أحد المحققين وهو يمسك بالكاميرا: "الناس هنا بيقولوا إن اللي بيدخل البيت ده بيختفي، لكن إحنا هنا عشان نثبت العكس."

إحدى الفتيات في الفريق وهي تحاول السيطرة على خوفها: "أنا مش عارفة ليه إحنا هنا بالظبط... ده مش مجرد بيت. لو كان في أي نوع من الأرواح الشريرة، إحنا بنتعامل مع خطر حقيقي."

اقتربوا من الباب، وكان الليل قد أسدل ستاره على المكان، لم يكن هناك قمر في السماء، فقط ظلام دامس يحيط بالمقابر والبيت الملعون. وقفوا أمام الباب المغلق، العبارة الشهيرة كانت لا تزال محفورة عليه: "روح لونا... واللي بيدخل ماعدش بيخرج."

أحد المحققين بابتسامة ساخرة: "مجرد كلام محفور على باب قديم. فتحوا الكاميرات وسجلوا."

فتحوا الباب بحذر، وعلى عكس المتوقع، كان المكان مظلمًا تمامًا. لم يكن هناك أي أثر للنور الذي ظهر مع أحمد وقدر أو مع الزوار السابقين. ولكن بمجرد أن خطوا إلى الداخل، بدأت الكاميرات تتعطل واحدة تلو الأخرى.

أحد المحققين في ارتباك: "إيه اللي بيحصل؟ الأجهزة مش شغالة! البطاريات كانت مشحونة بالكامل قبل ما نيجي."

الفتاة وهي تبدأ في الشعور بالخوف الحقيقي: "أنا بقول نرجع... المكان ده مش طبيعي."

وفي اللحظة التي حاولوا فيها العودة نحو الباب، انغلق خلفهم بصوت مرعب، ارتفعت أصوات الصرير، وتحركت الرياح داخل الغرفة، رغم أن الأبواب والنوافذ مغلقة بإحكام. كانت همسات جديدة تتصاعد من الجدران، ليس مجرد همسات الأرواح السابقة، بل صوت جديد، صوت فتاة.

الصوت الهمسي: "أهلاً بيكم... كنت مستنياكم."

أحد المحققين في رعب: "مين هنا؟ إنت مين؟"

السرد: الضوء الخافت بدأ يتسرب من زوايا الغرفة، ليكشف عن شبح فتاة صغيرة ترتدي ثوبًا قديمًا، وجهها مغطى بشعر أسود طويل، وعيونها تلمع بوميض غير طبيعي. كانت هي لونا، الروح التي سلبت أرواح السابقين، لكن هذه المرة كانت قوية أكثر من أي وقت مضى، وكأنها تغذت على كل تلك الأرواح التي دخلت البيت ولم تغادره.

لونا بصوت منخفض مخيف: "كلكم هتفضلوا هنا... زي الباقي."

إحدى الفتيات تصرخ: "لااااا! لازم نخرج! افتح الباب!"

أحد المحققين برعب: " لازم نخرج من هنا بسرعة."

"لم يكمل جملته حتى أمسكت به لونا ترفعه في الهواء. أخرجت من فمها جراد يصاحبه، صرخات آتيه من الجحيم تغذت على جسده بطريقة يقشعر لها البدن؛ كل هذا حدث تحت نظرات الخوف، في أعين من كان معه. تملك منهم الرعب تحت مراقبة لونا لهم."

حاولوا بشتى الطرق كسر الباب، لكن كلما ازدادوا إصرارًا على الهروب، كانت الأرض تحتهم تتحرك، والجدران تقترب، كما حدث من قبل. كانوا يدركون الآن أن هذا البيت لم يكن مجرد مبنى قديم، بل كان سجنًا للأرواح، وكلما دخله شخص، أصبح جزءًا من لعنته الأبدية.

فجأة، بدأت الأرضية تتصدع، وبدأت الأصوات تتصاعد بشكل جنوني، وكأن كل الأرواح التي سُلبت في هذا المكان كانت تصرخ في آنٍ واحد. كانت النهاية تقترب.

إحدى الفتيات في الفريق وهي تحاول السيطرة على خوفها: "أنا... أنا لازم أخرج من هنا لازم أهرب من البيت ده."

"كانت تبحث كالمجنونه على مخرج يقذفها خارج ذالك الجحيم المهلك للأعصاب. حتى لمحت عينها تلك النافذة، ولم تكد تصل إليها حتى وجدت لونا في إستقبالها. "

لونا بضحكة مرعبة: " اختارتي طريقة موتك بس أنا مش عايزاكِ تموتي بسهوله كده."

"فجأة ظهر خلف الفتاه جسد من العدم مشوهه بطريقة مرعبه، له قرون سوداء، فم يتسع لي ابتلاع خمسة أشخاص غيرها؛ يتساقط منه قطرات دماء مصاحبه لرائحة نتنه. ولم تكد الفتاه أن تتحرك حركه واحدة، حتى انقض عليها ممزقًا لجسدها، في أبشع طريقة يمكن تخيلها."

"لم يكن حال المحقق والفتاه التي تبقت معه أفضل شئ، ولكن كانت طريقة موتهم تقليدية لم تكن مرعبه، في أغلب نظرات البشر، ولكنها كانت أكثر الطرق رعبًا عند أغلبنا. فقد قتلت الزوجه زوجها مقدمة روحه لي لونا؛ علها تخرج بهذه الطريقة، ولكنها قد تسببت في إغضابها، ونالت ما نالت من عذاب في موتها."

"قضمت الزوجة عنق زوجها؛ خيل لها أن هذا قد يمكنها من الهرب، ولكنها قد أعادت طريقة موت لونا في مشهد منعكس. عندما علمت لونا بخيانة زوجها لها، فماتت المرأة بطريقة لم ولن أستيطع وصفها من بشاعتها."

في اليوم التالي، اكتشف بعض سكان القرية أن بوابة المقبرة كانت مفتوحة بشكل غير معتاد، لكنهم لم يجدوا أي أثر للمحققين الذين دخلوا الليلة السابقة. البيت كان يبدو كما هو، صامتًا، مظلمًا، محاطًا بهالة من الرهبة. لم يجرؤ أحد على الاقتراب، ولم يكن هناك سوى شائعات تدور حول أن الروح التي تسكن البيت قد أصبحت أقوى، وأن اللعنة أصبحت أشد.

ولأول مرة منذ سنوات، بدأت بعض الأصوات تتحدث عن هدم البيت، لكن كلما ازداد الحديث عن ذلك، كان هناك شعور غريب يجتاح المكان، وكأن الروح الغاضبة تعرف كل شيء، ولن تسمح لأحد بالمساس بها.

ومع مرور الأيام، تلاشت القصص تدريجيًا، ولكن البيت ظل واقفًا في مكانه، كأنه ينتظر ضحية جديدة. وكلما اقترب أحد منه، كان يشعر بتلك الهمسات التي لا تتوقف... "روح لونا... واللي بيدخل ماعدش بيخرج."

انتهت اللعنة؟ أم أن الأمر لا يزال مستمرًا؟ لا أحد يعلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـ سـمـوم

ᥣ᥆ᥲꪀ'᥉ ᥉᥆ᥙᥣحيث تعيش القصص. اكتشف الآن