مـصـيـر الـبـيـت

5 3 0
                                    

"الأمل هو الخيط الرفيع الذي يربطك بالحياة، لكنك لا تدري أنه كلما تمسكت به أكثر، اقتربت من السقوط في الهاوية، حيث لا يعود هناك شيء سوى الظلام."

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بعد مرور أيام على اختفاء الرجل والمرأة، وصل بعض سكان القرية إلى المقبرة. كانوا قلقين بعدما سمعوا عن مغامرة الغريبين الذين ذهبوا إلى البيت ولم يعودوا أبدًا. ارتفعت قصص البيت بين الناس، وتزايدت الحكايات عن أولئك الذين دخلوا ولم يخرجوا.

تجمع القرويون خارج بوابة المقبرة، ينظرون نحو البيت من بعيد.

أحد الرجال بصوت مليء بالخوف: "مفيش فايدة... كل اللي بيدخل هنا ما بيرجعش. المكان ده ملبوس!"

رجل آخر وهو يحاول التحلي بالشجاعة: "إحنا لازم ندخل نكتشف اللي حصل لهم. مين عارف، يمكن يكونوا محبوسين جوة."

الرجل الأول: "محبوسين بقالهم 29 يوم إزاي من غير أكل ولا شرب والمكان مش مؤهل إن حد يعيش فيه."

الرجل الثاني: "مش يمكن دخلو و خرجو بدون رجوع للقرية؟"

الرجل الأول (ساخرًا) : " محدش هيسيب عربيته ولا شنط وتذاكر السفر ولا أملاكه لله وللوطن هنا ويمشي. "

الرجل الثاني: "خلاص تعالى ندخل ونشوف"

الجو كان كئيبًا، الشمس غائبة وكأنها ترفض إضاءة هذا المكان. العصافير كانت صامتة، والرياح تعصف بشكل خفيف بين الأشجار القديمة. البيت كان يبدو بعيدًا، لكنه كان قريبًا بشكل مريب، وكأن الزمن والمكان يتلاعبان بكل من يقترب.

اقترب الأثنان بشجاعة،ممسكين بمشاعل قديمة، وبدأوا يتقدمون نحو الباب. كل خطوة كانت تبدو وكأنها تبتلع صوتًا، وكأن الأرض تحت أقدامهم ترفض أن تحملهم.

أحد الرجال بهمس: "حاسس إن الأرض مش طبيعية... ده مش مجرد بيت. في حاجة هنا."

عندما وصلا إلى الباب، قرأ أحدهم العبارة المنقوشة: "روح لونا... احترس لونا في الجوار." جف حلقه وشعر أن كل كلمة مكتوبة هناك كانت موجهة له مباشرة.

الرجل الآخر بحزم: "دي أكيد خرافات... هنفتح ونشوف."

فتح الباب، لكن هذه المرة لم يكن الظلام الذي استقبلهما، بل كان هناك نور خافت يتسلل من الطابق العلوي. كان النور يبدو وكأنه يدعوهم للصعود.

الرجل الأول بتردد: "النور ده مكانش هنا قبل كده... مين اللي فوق؟"

الرجل الآخر بارتباك: "إحنا مش لوحدنا... حد موجود!"

خطا الرجلان خطوات ثقيلة نحو الطابق العلوي خطوات يملأها الفضول حيث لم يكن هناك دافع أخر وراء تلك المخاطرة بي أرواحهم سواه، كان يتصاعد النور من أحد الأبواب. عندما وصلا إلى الغرفة، رأيا مشهدًا مخيفًا. في منتصف الغرفة كان هناك كرسي قديم مهترئ، وعلى الكرسي جلست دمية خشبية ترتدي ثوبًا قديمًا، يبدو أنه يعود لعقود مضت.

الرجل الأول بصوت مرتعش: "إيه ده... دمية؟ مين جابها هنا؟"

الرجل الثاني بخوف سيطر عليه كليًا: " تعالى نرجع أنا مش مطمن."

"وما كاد ليكمل جملته، حتى وجد الباب يغلق بقوة. الظلال
بدأت تتحرك في الارجاء؛ تحوم حولهم أرواح من سبقهم في خوض تلك التجربه، في انتظار أن تنضم أرواحهم إليهم."

فجأة، تحركت الدمية، رفعت رأسها وبدأت الهمسات تتردد في الغرفة. همسات مألوفة، أصوات أحمد وقدر تتردد في كل مكان.

صوت أحمد في الهمس: "لسه فاكرنا؟ ده مش مجرد بيت..."

صوت قدر بنبرة مشوهة: "اللي بيدخل هنا بيبقى جزء منه... انتوا جايين ليه؟"

الرعب بدأ يتسرب إلى القلوب. أدرك الرجلان أنهما وقعا في الفخ، فكلما ازدادت الهمسات قوة، بدأت الغرفة تتحرك، الأرض تهتز، والجدران تقترب منهما ببطء.

الرجل الأول وهو يحاول الهرب: "لا... مش هنقدر نخرج! لازم نطلع من هنا حالًا!"

لكن قبل أن يستديرا نحو الباب، كان قد أغلق بالفعل، والنور الخافت بدأ ينطفئ، تاركًا الرجلين في ظلام دامس. آخر ما سمعوه كان صوت الباب الخارجي يُغلق بنفس الطريقة التي أغلق بها على أحمد وقدر، بينما كانت ضحكات لونا تتردد في المكان.

الرجل الأول: "إنتِ مين... عايزا مننا إي سيبنا نمشي"

"زادت الضحكات من حولهم، ووجد الرجل نفسه يرتفع في الهواء؛ يختنق بقوة كبيره. حاول الصراخ وطلب المساعدة من صديقه، ولكن أبت الرياح أن تساعده"

"شاهد الرجل الثاني صديقة يقتل بطريقة بشعه. فقد انفجرت عيناه، مزقت جميع أنحاء جسده إلى أشلاء صغيرة محترقة، الآن أدرك أنه كان مخطئ بالمجئ إلى هنا، ولكن فات الأوان فا لونا لن تتنازل عن ملكيتها لي روحه وهو ومن معه الآن جاء دوره مثل صديقه."

" لم يكن أمام الرجل فرصة واحدة لنجاه. ولكنه لم يكن ليدع تلك اللعنة تتكرر مجددًا، مع أحد حاول جاهدًا أن يحرق ذالك البيت. وكاد ينجح، لولا أن البيت لم يكن ليحترق ولم يحترق سوى جسده، ليبقى كومه رماد وتصبح روحه جزءً من ذالك البيت و مُلكا لي لونا كا سابقه."

---------------------------

ظل البيت قائماً وسط المقابر، مكانًا ملعونًا لا يستطيع أحد الاقتراب منه دون أن يُبتلع في طياته. تحولت قصة البيت إلى أسطورة يتناقلها الناس، لكن كلما حاول أحد اكتشاف سر البيت، انتهى به المطاف بين جدرانه، يُضاف إلى سجل الأرواح التي سلبتها لونا.

وفي كل ليلة، كانت همسات الضحايا تتردد في أرجاء المقابر، وكأن البيت يروي قصص مَن دخلوه ولم يخرجوا، محذرًا الآخرين من مغبة الاقتراب، لكن في الوقت نفسه، كان يغري الفضوليين بالدخول، لإضافة أرواح جديدة إلى لعنة لونا التي لا نهاية لها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سـمـوم

ᥣ᥆ᥲꪀ'᥉ ᥉᥆ᥙᥣحيث تعيش القصص. اكتشف الآن