اللعنة تتكرر

4 1 0
                                    

"التعاون لا يكون دائماً نوراً مشعّاً؛ أحياناً يمتد كسلسلة مظلمة تربطك بأرواح لا تعرف سوى الظلال. كأنك تضع يدك بيد غريب يبتسم، بينما يقودك نحو هاوية لا نهاية لها. وهل من الممكن أن تتوقف عندما تجد نفسك أسيراً بين أنياب الخوف؟"

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مرت عدة سنوات أخرى، والبيت الملعون ظل على حاله، رمزًا للرعب والخوف في القرية. الأساطير حوله تزايدت، ولم يعد هناك أحد يقترب من المكان. لكن الفضول البشري لا ينتهي، ودائمًا هناك من يظن أنه أقوى من اللعنة أو أكثر دهاءً من الأرواح المحبوسة.

وفي أحد الأيام، قررت مجموعة من الشباب المهتمين بالتحقيق في الخوارق أن يزوروا البيت. كانوا قد سمعوا القصص من الإنترنت وتداولوا الحكايات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لكن لم يكن أي منهم يؤمن بأن هذه الأساطير حقيقية. قادهم زعيمهم، ماهر، وهو شاب ذكي وواثق من نفسه، يعتقد أن التكنولوجيا الحديثة والمعدات العلمية ستساعده على كشف الحقيقة.

ماهر بنبرة تحدٍ: "يا جماعة، البيت ده مجرد وهم. إحنا هنروح وهنخرج منه زي ما دخلنا. هنسجل كل حاجة بالفيديو عشان نثبت للناس إنه مفيش حاجة اسمها لعنة."

كان الفريق يتكون من أربعة أشخاص: ماهر، رانيا وهي مخرجة وثائقية، كريم المهتم بالتكنولوجيا، ونادر صديقهم المهتم بالأساطير والخرافات. كانوا مجهزين بكاميرات حرارية، وأجهزة قياس الطيف، وأدوات أخرى يعتقدون أنها ستكشف أي ظواهر غير طبيعية.

في المساء، بدأوا رحلتهم نحو البيت. المطر كان يتساقط، والسماء مليئة بالغيوم الداكنة. الطريق إلى البيت كان طويلًا وموحشًا، وأجواء المكان كانت تبعث على القلق.

كريم وهو ينظر حوله بحذر: "المكان ده لوحده مرعب، حتى من غير البيت. المقابر حوالينا من كل ناحية."

رانيا وهي تحمل الكاميرا: "المهم إننا نسجل كل حاجة. الناس بتحب القصص المرعبة، والمشاهدات هتبقى بالملايين."

وصلوا أخيرًا إلى باب البيت. كان مفتوحًا كما كان دائمًا، وكأن اللعنة نفسها تنتظر ضحايا جدد.

نادر وهو يتأمل اللافتة القديمة: "مكتوب 'روح لونا، احترس لونا في الارجاء'... الظاهر إن الناس اللي كتبوا الجملة دي مكانوش بيهزروا."

ماهر وهو يضحك بسخرية: "مفيش حد رجع عشان هو مجرد جبان. اللي بيدخل يخاف ويهرب، ومش كل الناس بتتكلم بعد كده."

دخلوا البيت بحذر، ولكن بخطى ثابتة. من الداخل، كان كل شيء كما وصفته الأساطير: الأثاث المهترئ، الجدران المتهالكة، وصوت الرياح يتردد بين الغرف. ولكن كان هناك شيء غريب، إحساس بوجود آخر يراقبهم.

رانيا وهي تشغل الكاميرا: "خلينا نبدأ التسجيل. هنمشي في كل الغرف ونسجل كل اللي بنشوفه."

ومع مرورهم بين الغرف، بدأت أشياء غريبة تحدث. في البداية، كان مجرد أصوات خافتة، ثم بدأت الأرضية تهتز بشكل غامض. كانوا يحاولون تجاهل ما يحدث، لكن الوضع أصبح أكثر رعبًا كلما توغلوا أكثر في البيت.

كريم بصوت مرتعش: "يا جماعة... المكان ده مش طبيعي. أنا حاسس إن في حاجة مش مظبوطة."

ماهر بنبرة تحدٍ: "ده مجرد تأثير نفسي. خلينا نكمل."

ولكن الأمور خرجت عن السيطرة بسرعة. فجأة، انطفأت جميع الأجهزة التي أحضروها، والكاميرات توقفت عن العمل. الأضواء انطفأت، وعمّ الظلام في كل مكان.

رانيا وهي تصرخ: "إيه اللي بيحصل؟! البطاريات كانت مشحونة بالكامل!"

نادر بصوت مرتعش: "مش قلتلكم؟ البيت ده فعلاً ملعون! لازم نخرج دلوقتي!"

ولكن قبل أن يتمكنوا من الهروب، بدأت الجدران تغلق عليهم. الأصوات التي سمعها المغامرون السابقون عادت لتملأ المكان. همسات الأرواح المحبوسة كانت أكثر وضوحًا هذه المرة.

لونا بصوت بارد ومخيف: "إنتوا مش هتخرجوا... زي اللي قبلكم."

رانيا برعب: " إنتِ... مين؟ "

لونا بصوت شيطاني: "أنا اللي هتاخد روحك إنتِ واللي معاكِ. "

ماهر وهو يصرخ: "إحنا لازم نخرج! مفيش وقت! البيت ده بيحاول يبتلعنا!"

حاولوا الركض نحو الباب، لكن الطريق أصبح غير ممكن. الجدران كانت تتحرك، وكأن البيت نفسه كان حيًا. وكلما اقتربوا من المخرج، كانت الأرض تحت أقدامهم تزداد اهتزازًا. ثم فجأة، ظهر لهم وجه لونا المظلم.

لونا بصوت مرتجف من الظلام: "اللي بيدخل هنا عمره ما بيخرج... كلكم ملكي دلوقتي."

" نادر وقد لاحظ تلك الرموز المنقوشة واكتشف أنها طريق الخروج. ولكن عندما لاحظت لونا أنه قد عرف كيفية كسر اللعنة، لم تسمح له بالهروب. وإنهاء انتقامها على ما حدث لها مسبقاً."

لونا بوجه خالي من التعابير: " أنا مش هسمحلك تنهي اللعنة لازم انتقم من كل صنف البشر."

نادر وهو يختنق: "هيجي غيري وهيكسر اللعنة ويحرر كل الأرواح دي وقربت نهايتك يا لونا."

" كانت تلك أخر كلمات نادر أخر فرد من تلك المجموعة "

ومع صرخة مرعبة خرجت من لونا، تراجعت الأرواح، وابتلع الظلام كامل البيت. لم يعد لأحد أن يعرف ما حدث لهم، ولم يُعثر على جثثهم أبدًا. الأشباح التي حذرتهم قبل دخولهم كانت قد قالت الحقيقة: كل من يدخل البيت لا يخرج أبدًا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بعد اختفاء المجموعة، لم يعد أحد يقترب من البيت مجددًا. الأساطير زادت، والأرواح المحبوسة أصبحت أكثر شراسة. البيت الملعون بقى واقفًا، ينتظر ضحاياه القادمين، الذين يظنون دائمًا أنهم قادرون على كسر اللعنة. ولكن الحقيقة المروعة تبقى كما هي: "اللي بيدخل هنا... عمره ما بيخرج."

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سـمـوم

ᥣ᥆ᥲꪀ'᥉ ᥉᥆ᥙᥣحيث تعيش القصص. اكتشف الآن