الفصل العاشر: درب النجاة المجهول

18 5 0
                                    

في ذلك المكان حيث تحطمت الأحلام تحت الركام كان الثلاثة، ليلى وفؤاد وأسيل، يتشاركون القلق والخوف على مصير أمهم وأبيهم وابن أسيل، صوت الانفجارات بعيد، لكن أثره قريب، ونظرات القلق كانت كافية لتعكس حجم الألم الذي يشعرون به

قالت أسيل وهي تحاول إخفاء ارتجاف صوتها: يجب أن نذهب للبحث عنهم، ابقي مع فؤاد يا ليلى، إنه مصاب ولن يستطيع الحركة، سأذهب وحدي للبحث

حاول فؤاد النهوض على قدميه رغم ألمه، وقال بصوت متقطع يعبر عن إصراره: لا، سوف نذهب معا، أنا لست صغيرا لتجعلي ليلى تبقى بجانبي هنا، سنذهب للبحث معا، لن أتركك وحدك.

تقدمت اسيل نحوه، ووضعت يدها على كتفه لتثنيه عن فكرته، وقالت: فؤاد، أنت مصاب بشدة، الجرح في رأسك عميق، أي حركة الآن قد تسبب لك نزيفا داخليا، وقد تفقد الوعي في أي لحظة، وإذا حدثت مضاعفات، فلن أتمكن من مساعدتك هنا، نحن لسنا في مستشفى، وهذا ليس وقت المخاطرة.

نظر فؤاد إلى اسيل بعناد، لكن عينيه كانتا تحملان الألم الذي يحاول إنكاره، يريد أن يكون قويا، لكنه يعرف في أعماقه أن حالته لا تسمح له، تأوه قليلا وهو يضع يده على رأسه محاولا إيقاف الدوار الذي يهدده بالسقوط.

وفجأة، رأوا جميعًا على امتداد بصرهم انفجارًا ضخمًا على حدود المدينة، كانت ألسنة النار تختلط بالدخان الأسود الكثيف، والعجيب أنهم رأوا تلك النيران تتراقص أمامهم لثوانٍ، دون أن يسمعوا أي صوت، وكأنهم يشاهدون فيلماً صامتاً، قبل أن يصل الصوت المدوي إليهم، صوت قوي اهتزت له الأرض تحت أقدامهم، شعور وكأن الأرض تصرخ في وجوههم، حتى كاد الصوت أن يصم آذانهم.

خفق قلب الثلاثة، أدركوا مدى قرب الخطر منهم، نظراتهم امتلأت بالذعر والحيرة، تساءلوا بصمت: أين مكان هذا الانفجار؟ وكيف يمكنهم الاطمئنان على عائلتهم في ظل هذه الفوضى؟ في تلك اللحظة، أدركوا شعورًا لم يعرفوه من قبل، شعورًا بالعجز التام، كأنهم مقيدون بحبال غير مرئية، مهما حاولوا أو فكروا، لن يغيروا شيئًا من هذا الواقع القاسي.

لم يكن لديهم أي فكرة عن سبب هذه الانفجارات المتتالية، ولم يستطع أي أحد أن يفسر هذه الظاهرة الغامضة، النار التي تلتهم كل شيء أمامها، والصوت الذي يذكرهم بأن الحياة قد انقلبت رأسا على عقب، وكأنهم في كابوس طويل، يحاولون الاستيقاظ منه، يحاولون الهروب، يبحثون عن بصيص أمل أو أي وسيلة لتغيير الواقع، لكن كل محاولاتهم كانت كالصراخ في فراغ عميق.

فجأة، توقفت أسيل عن التفكير في كل شيء عندما سمعت صوتًا بعيدًا، صوتًا تعرفه من بين آلاف الأصوات، كان صوت ابنها سامي، هل يعقل أنه سامي حقًا؟ أم أن عقلها يخدعها بسبب شدة الشوق والخوف؟ حاولت أن تتأكد، مسحت الدموع عن عينيها بسرعة وبدأت تبحث ببصرها في كل الاتجاهات، وسط الدخان الكثيف الذي يغطي كل شيء من حولها، ورائحة البارود الخانقة التي تملأ الهواء.

احلام تحت الركامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن