الفصل السادس: ليلى

23 15 0
                                    

ليلى

أنا ليلى، الطالبة الجامعية التي تدرس الذكاء الاصطناعي، والتي كانت ترى في المستقبل فرصة لا تنتهي. كنت أعيش في عالم من الأفكار الوردية والأحلام الكبيرة، دائمًا متحمسة لابتكاراتي، وراغبة في صنع بصمة في مجال التكنولوجيا. ما زلت أذكر أول يوم دخلت فيه الجامعة، شعرت وكأنني أضع قدمي في عالم آخر، عالم مدهش ومليء بالاحتمالات.

كانت جامعتنا، واحدة من أفضل الجامعات في البلاد، أكثر من مجرد مكان للدراسة. كانت محطة للخيال والتجريب، حيث يأخذ كل طالب فرصته ليطلق العنان لعقله. كانت المباني تمتد كأنها أبراج من الزجاج تعانق السماء، وكل قاعة دراسة كانت مجهزة بأحدث التقنيات التي تمكننا من الانغماس في ما ندرسه. كنت أدخل قاعات المحاضرات التي تبدو وكأنها أخرجت للتو من أفلام الخيال العلمي؛ الشاشات العملاقة التي تغطي الجدران، تعرض لنا البيانات والتصورات ثلاثية الأبعاد، والأستاذ يقف أمامنا ويشرح لنا مفاهيم معقدة باستخدام تقنيات الهولوغرام.

دروس الذكاء الاصطناعي كانت عالمًا آخر من السحر. كنا نتعلم كيف نجعل الآلات تفكر، كيف نبني نظمًا تستطيع تحليل كميات هائلة من البيانات واستخلاص الأنماط منها، وكيفية تصميم الشبكات العصبية التي تحاكي الدماغ البشري. كانت هناك محاضرات حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، نتناقش فيها حول حدود استخدام هذه التكنولوجيا، وكيف يمكن أن تؤثر على المجتمع. أذكر أحد النقاشات التي شاركت فيها، حينما قلت: "الذكاء الاصطناعي ليس مجرد آلات، إنه مسؤولية. علينا أن نتأكد أن ما نصممه يخدم الإنسان ولا يسيء إليه."، وصديقاتي يصفقن لي ويمزحن: "ها قد بدأت ليلى الحكيمة!"

كان هناك مختبر ضخم في الجامعة، حيث نستطيع إجراء التجارب على النماذج الأولية لروبوتاتنا وأنظمتنا. لم أكن أملّ من التواجد في المختبر ساعات طويلة أطوّر برنامجًا جديدًا أو أعدّل تصميمًا لروبوت صغير. أحببت تلك اللحظات حينما تعمل برمجتي بشكل صحيح، وأشعر بالفخر، وأضحك مع صديقاتي ونحن نختبر الروبوتات التي أنشأناها بأنفسنا.

أما خارج الجامعة، كانت الحياة تأخذني في اتجاه آخر. بعد انتهاء محاضراتي، كنت أعود إلى البيت حيث أعيش مع عائلتي. لم يكن بيتنا فخمًا، لكنه كان مليئًا بالدفء. أمي كانت تستقبلني دائمًا بابتسامتها الهادئة، وكأنها تقول لي دون كلمات إنها فخورة بي. كنت أحب الجلوس معها في المطبخ، أشاركها قصص اليوم، وأحكي لها عن المحاضرات والأفكار الغريبة التي خطرت لي.

أبي كان دائمًا فخورًا بي، يشجعني على متابعة أحلامي، وكان يقول لي: "يا ليلى، العلم هو المفتاح لأي باب. استمري في التعلم وستصنعين شيئًا عظيمًا." كلماته كانت تلهمني، وتجعلني أريد أن أحقق شيئًا كبيرًا يجعل عائلتي فخورة بي.

أخي فؤاد كان شخصًا آخر. على الرغم من أنه كان يمزح كثيرًا معي، إلا أنني كنت أشعر بحبه الكبير. كان يدعوني دائمًا للخروج معه ومع أصدقائه، لكنني كنت أفضّل البقاء في غرفتي الصغيرة لأعمل على مشاريعي. لم يكن يفهم لماذا أقضي كل هذا الوقت أمام شاشة الكمبيوتر، لكنني كنت أشرح له: "لأنني أريد أن أكون جزءًا من المستقبل، أريد أن أساهم في شيء أكبر منّي."

احلام تحت الركامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن