الفصل الثامن: الأمل تحت الأنقاض

30 15 8
                                    


بينما كانت الشمس تغيب، تلقي بظلالها على الأنقاض المحيطة، شعرت أسيل بيد ليلى تجذبها. كانت ليلى تشير إلى جزء من الركام القريب. "أسيل، هناك شيء يتحرك تحت هذا الركام. أعتقد... أعتقد أن هناك شخصًا هناك."

تسارعت نبضات قلب أسيل، ونظرت إلى المكان الذي تشير إليه ليلى، فرأت الحطام يهتز بخفة، كأنه يستغيث. "ليلى، علينا التحرك بسرعة!" صاحت أسيل، وصوتها مفعم بالأمل والخوف معًا.

بدأت الأختان تحاولان رفع الصخور والحطام، مستخدمتين كل ما لديهما من قوة، بينما أنفاسهما تتسارع والعرق يتصبب من جبينهما. كانت أصواتهما متقطعة، تتوسل القوة لتستمر، ويديهما المتعبتين لا تتوقفان عن الحفر والرفع.

بعد دقائق بدت كأنها ساعات، كشف الغبار المتصاعد عن وجه مألوف تحت الركام. عينا فؤاد المغمضتان وجسده المثقل بالغبار والدماء. تجمدت الأختان في مكانهما للحظة، وكأن الزمن توقف، وشعرتا بأن جسديهما لم يعد قادراً على الحركة.

"فؤاد..." همست ليلى، وصوتها يتهدج، وهي تحبس دموعها.

انحنت أسيل بجانبه، ولم تستطع السيطرة على مشاعرها وهي تضع يدها على وجه أخيها المغطى بالغبار. "يا الله، لا يمكن أن يكون هذا حقيقيًا." قالت بصوت يكاد ينكسر من الألم. "كنا معًا منذ فترة قصيرة... كيف تحول كل شيء لهذا الكابوس؟"

كانت ليلى تضع يدها على فمها، تحاول جاهدة أن تحبس شهقاتها، ولكن الذكريات بدأت تغمرها بقوة، لتعود بها إلى الأيام التي كانوا فيها معًا، يضحكون ويتشاجرون، يدعمون بعضهم في أصعب الأوقات. تذكرت كيف كان فؤاد يداعبها عندما كانت طفلة، وكيف كان يشجعها على أن تكون قوية وأن تتحدى الصعاب.

أما أسيل، فتذكرت المرات التي كان فؤاد يدعمها فيها، يقف إلى جانبها في لحظات ضعفها، ويساندها عندما كانت تتعثر في حياتها الزوجية السابقة. تذكرت كيف كان يأخذ سامي إلى الحديقة ليلعب معه، وكيف كان يحاول جاهدًا أن يعيد الابتسامة إلى وجهها.

"لا يمكن أن نخسرك، يا فؤاد. ليس هكذا." قالت أسيل وهي تمسك بيده، دموعها تجاهد للتحرر من عينيها المتورمتين. كانت تحاول أن تتمسك بالأمل، لكن رؤية جسد أخيها تحت الركام جعلت الألم يسيطر عليها.

سقطت ليلى على ركبتيها بجانب أسيل، لم تعد قادرة على تمالك نفسها. "فؤاد... أرجوك، استيقظ. لا تتركنا وحدنا." نطقت وهي تجهش بالبكاء، كل خيبة وألم عصف بها منذ الانفجار يتفجر الآن أمام هذا المشهد المؤلم.

لكن رغم انهيارهما، لم تتوقف يدا أسيل عن محاولة تحريك الحطام المحيط بفؤاد. كانت تمسح العرق والدموع بيدها، وتحاول أن تركز على صوت أنفاسه، على أمل أن يكون ما زال هناك نبض ضعيف ينبئها أن هناك حياة متبقية فيه.

كان ذلك النبض الخفيف الذي سمعته اسيل بمثابة بصيص أمل وسط ظلام اليأس. التفتت إلى ليلى، عيناها تشعان بفرحة لم تتوقع أن تشعر بها في هذا المكان. "ليلى، إنه حي! علينا أن نساعده بسرعة."

احلام تحت الركامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن