_ شكوك _

5 3 0
                                    

مر شهران دراسيان عاديان، استطعت خلالهما أن أعطي كل أستاذ لقبا مضحكا. صرت أحس بوجود شخص معي في المنزل يراقبني لكني لم أهتم واعتبرت ذلك تخيلات لأنني متعودة على أن يتحكم عقلي الباطن في واقعي. لكن شيء حيرني. الشاب الشاحب. منطوي ومنعزل. ينظر إلي بإعجاب إن كان لون عينيه ذهبيا. لكنه يرمقني بنظرات سوداوية عندما يكون لونهما داكنا. ربما لديه انفصام في الشخصية... لا يبدو كذلك بتاتا. أحب التحري حول شخصيات مثيرة كهذه.

استيقظت صباحا 'يوم الجمعة'. اليوم الأخير من شهر يناير. قمت بالاغتسال والتجهز للذهاب إلى الثانوية. ذهبت إلى غرفة الأكل فلم أجد أحدا سوى التوأم فسألت دارل "أين جدتي وعمتي؟"

اقتربت مني وقالت "آنستي. السيدة أَلِيسْيَا والسيدة كَارُولَايْنْ ذهبتا إلى باريس للعمل وستعودان غدا في المساء."

"متى ذهبتا ولم تخبراني؟"

"لا أعرف آنستي. فقد ذهبتا في الليل وكان الأمر عاجلا."

ذهبتا وتركتا لي هاتين الفتاتين، لا بأس، على الأقل لن يتدخل أحد فيّ. أكلت فطوري وخرجت إلى الثانوية.

دخلت صف الكيمياء وجلست في طاولة المخبر الموجودة أمام النافذة. كانت شريكتي اليوم غائبة مما جعلني أرتاح. كان موضوعا فوق طاولة المخبر. حوجلة معيارية وأنبوب اختبار وبعض المواد الكيميائية. وأخيرا سوف نفعل شيء حماسي ونقوم بتجارب. سمعت حركة في المقعد الذي أمامي. نظرت باتجاهه. إنه الشاب الذي اصطدم بي. قال بينما يلتفت إلي ويحدق في عينيّ "هاي. أنا إدوارد كولين."

نظرت إليه باندهاش. يا لوسامته عن قرب. كانت عيناه الذهبية تلمع. قلت بعد أن وجدت كلماتي "هاي إدوارد. أنا آنا لي."

"آنسة لي. سأكون شريكك اليوم. هل تمانعين؟"

يبدو فارسا شهما بهذه الكلمات. انه نوع نادر من الشبان. خصوصا في هذا الزمن. لكن ما الذي دعاه للجلوس معي بعد كل هذه الأشهر من تبادل النظرات؟ "لا بأس يا شريك. ونادني آنا."

دخل الأستاذ كاتل وطلب منا جميعا الصمت. صمتت وتابعت الدرس لكن مع ذلك أحسست بنظراته تخترقني. فادعيت عدم الاكتراث. أمر الأستاذ كل ثنائي منا أن يقوم بفتح الكتاب على الصفحة 50 وإتباع الخطوات لدراسة التفاعل الكمي والفيزيائي للتفاعل الناتج عن خلط هذه المكونات معا. ارتدى الجميع مئزره والنظارات الواقية وكذلك القفازات ثم شرعنا في العمل.

فتحت الكتاب لكن لثقله سقط على يدي الأخرى. لم يكن الألم كبيرا. انتبه لي فأمسكت يده يدي وقال متفحصا إياها "دعيني أرى".

كان القلق واضحا على وجهه. لكن شيء غريب. خفق قلبي بسرعة. كانت لمسته فعلا باردة وأرسلت شعورا غريبا في جسمي أشبه بالكهرباء. شعور غريب لم اشعر بمثله ابدا. انغمست في اللحظة بينما احدق في عينيه. وهو كذلك كان ينظر الي باعجاب. شعرت بالجميع يحدق فينا بغرابة. تداركت الأمر فأبعدت يدي عنه. وشرعنا في العمل. لكن شعور يده الباردة علي مازال قائما.

صراع العنقاءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن