---
أمواج الظلام
الفصل الثالث: نداء الظلام
بعد لحظات من الصمت المشحون، تقدمت ليل خطوة نحو كريم، كأنها تتعمق في قراءته، تلتقط في عينيه كل تفاصيل الخوف والتردد. في تلك اللحظة، كانت تعرف أنها تقف أمام إنسان مختلف، لكنه يظل إنسانًا، وقد يُخفي داخله تهديدًا مدمرًا. مدّت يدها ببطء نحو الحجر الضخم، وما إن لمسته حتى اهتزت الأرضية تحت قدميهما، وانطلق نبض خافت عبر المكان.
شعر كريم بقشعريرة تجتاح جسده، وكأن شيئًا في داخله يستجيب لهذا النبض القديم، كأن الحجر نفسه يحاول أن يربطه بمصير أوكسيليا. بينما حاول السيطرة على نفسه، سمع همسات خافتة تأتي من كل مكان، أصوات قديمة، عميقة، تتحدث بلغة غريبة. كان يعرف أن هذا ليس خيالًا.
قالت ليل بصوت خافت لكنه مليء بالقوة: "إنها أرواح أوكسيليا، تحكي قصصًا منسية، وتصرخ طلبًا للمساعدة. هذه المدينة بنيت على تضحيات وأسرار. قوتها أتت من أرواحٍ قدمت نفسها لتكون حارسًا أبديًا لهذا المكان، وكل من يقترب دون إذنها يكون عدوًا."
صمتت للحظة، ثم أكملت بنبرة مظلمة: "لكن تلك الأرواح الآن غاضبة… وتشعر أن وجودك قد يكون تهديدًا لها، حتى لو اخترناك."
حاول كريم أن يلتقط أنفاسه، شعر وكأنه محاصر بين قوتين متضاربتين؛ بين حاجته للمعرفة وخوفه من أن يصبح جزءًا من هذا الغموض المرعب. همس بصوت مرتعش: "لم أكن أعرف أنكم تعيشون في هذا الظلام… كأن هذا المكان مليء بالأسرار المؤلمة."
اقتربت ليل منه أكثر، حتى باتت عيناها في مستوى عينيه، وقالت بنبرة هادئة لكنها كالسيف: "كل أسرارنا هي تضحيات قدمناها من أجل البقاء. أنت الآن جزء من هذه الأسرار، وكأنك تحمل لعنة أوكسيليا في أعماقك."
صدى كلماتها غمر كريم، أدرك أنه قد تورط في شيء أكبر من خياله. ومع ذلك، كان هناك شيء ما يدفعه للبقاء، كأن هذه المدينة نادت روحه من قبل، وكأن مصيره مرتبط بمصيرها.
YOU ARE READING
"امواج الظلام"
Humor"لن ننساك يا كريم. بفضلك، سنعود للسلام." °°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° "لم اكن اظن يوماً أن أجد من يستحق هذه التضحية... لكنني أخترتك، كريم."