لحظه الانهيار

0 0 0
                                    

الفصل الثامن: لحظة الانهيار

القتال كان لا يزال مستمرًا، والمدينة قد غطتها الفوضى. المخلوقات كانت تتزايد بشكل سريع، وكانت كل ثانية تمر تُظهر أن الأعداء يزدادون قوة، كما لو أن الظلام نفسه كان يلتهم الأرض تحت أقدامهم. كانت تلك المعركة بمثابة معركة ضد الزمن. كل خطوة كانت تقربهم من نهاية غير معروفة، وأعداءهم أصبحوا أكثر غموضًا وأسرع من أي وقت مضى.

تقدم جيوفاني خطوة للأمام وهو يرفع سلاحه، عينيه مشدودتين إلى الكائن الذي ظهر فجأة من الظلام. كان ذلك الكائن الضخم يحمل قوة عميقة وكأن الأرض نفسها كانت تتحرك معه. فمه كان يشع بنيران حمراء، وتلك الأذرع المتدلية من جسده كانت تتقلب في الهواء، محدثة اهتزازات جعلت الأرض تهتز من تحت أقدامهم. كان يبدو أنه أحد أتباع سابير، وهو الوحش الذي كانوا يواجهونه.

"هذا لا يشبه أي شيء رآيناه من قبل!" قال سنان، وهو يرفع سلاحه بسرعة محاولًا التصويب. كان يعلم أن هذه المعركة ستكون أكثر صعوبة مما تصوروا.

شاكس لم يتوقف عن القتال، لكن كان يلاحظ شيئًا غريبًا في الوضع. كان المخلوق الضخم يزداد قوة مع مرور الوقت، وكلما حاولوا ضربه، كان يبدو أن جسده يعيد شحن نفسه. كانت المعركة تتطور إلى شيء أكبر بكثير من مجرد قتال بسيط ضد الغيلان. كان هناك شيء مظلم يلتف حولهم، شيء يحرك هذه الكائنات بشكل أكبر من أي قوة جسدية.

"إيلي، هل لديك فكرة عما يحدث هنا؟" سأل جيوفاني وهو يتنقل بسرعة ليقف بجانبها، رافضًا أن يبتعد عن ساحة المعركة رغم الفوضى من حولهم.

إيلي كانت تراقب كل حركة بدقة عالية، وعينها الثاقبة كانت تلتقط كل تفصيل. "أظن أن هذه ليست مجرد غيلان، جيوفاني. لدينا مشكلة أكبر من ذلك. سابير يتحكم فيهم بطريقة ما. هناك طاقة مظلمة في هذا المكان تجعل هذه الكائنات غير قابلة للهزيمة."

بينما كانت إيلي تشيد بذكاءها، كانت المخلوقات التي كانوا يقاتلونها تتزايد، ومع كل ضربة كانت تزداد قوة الكائنات الضخمة. كان شاكس يتجنب ضربات تلك الكائنات، ثم يضرب بسرعة فائقة ليقطع أجسادهم، لكن الأمر كان يبدو بلا جدوى. مع كل سقوط، كان المخلوق الآخر يظهر أكثر قوة.

لكن في لحظة غير متوقعة، رن صوت مدوي في السماء، وكأن صوت انفجار هائل صادر من أعماق الأرض. اجتاحت الرياح العاتية المكان، وارتفعت الأرض بشكل مفاجئ، بينما كان الظلام يزداد كثافة من حولهم. بدت السماء وكأنها تتفكك، والأنوار الغريبة بدأت تظهر في الأفق.

"ما هذا؟" صرخ سنان، وهو يركض خلف جيوفاني.

قبل أن يتسنى لهم الإجابة، ظهرت سحابة ضخمة من الدخان الأسود في السماء، مما ألقى المدينة في ظلام دامس. في اللحظة التالية، رن صوت همسات غريبة من الظلام، ثم بدأ شيء أكبر وأكثر رعبًا بالظهور من بين السحب الداكنة. كان هذا المخلوق مختلفًا، ضخمًا جدًا، وأكثر تأثيرًا من أي شيء واجهوه سابقًا.

كان كائنًا ضخمًا في حجم جبل، يتحرك ببطء شديد ولكنه مع ذلك بدا أنه يتحكم في كل شيء من حوله. كان يحمل في جسده طاقة مظلمة، وعيناه تلمعان بالحقد كما لو أنه كان يسعى للانتقام. كانت يديه مغطاة بأشواك حادة، وقام بإطلاق ضوء مرعب من عينيه.

"من هذا؟!" هتف جيوفاني، وهو يحاول مسك نفسه من الهلع.

"هذا... هذا هو الكائن الذي تحدث عنه سابير." قال شاكس بصوت هادئ، بينما كان يحاول تثبيت خطواته على الأرض التي كانت تزلزل تحت أقدامه. "إنه الشر نفسه. ونحن في وسطه الآن."

لكن الكائن الضخم لم يكن مستعدًا للانتظار. مع حركة مفاجئة، أطلق موجة من الظلام باتجاههم، وعيناه تلتهبان بشدة. الأرض من حولهم اهتزت، وسقطت بعض الأبنية المجاورة بشكل مفاجئ، مشيرة إلى أن قوة هذا الكائن لا حدود لها.

إيلي كانت مستعدة للمواجهة. "لننتصر عليه هنا. هذه هي معركتنا الأخيرة!" قالت بصوت حازم، وهي تطلق عدة رصاصات سريعة تجاه الكائن الضخم. كانت الرصاصات تنفجر على جسده دون أن تؤثر عليه، مثلما لو أنه كان يتغذى على العتمة نفسها.

حاول سنان أن يثبت نفسه في المعركة، ولكن بمجرد أن اقترب من الكائن الضخم، شعر بشيء غريب يلتف حول قلبه. كان الظلام يتسرب إلى جسده، وبدأ يشعر وكأن عقله يعجز عن التفكير بوضوح. كانت قوة هذا الكائن مظلمة بشكل غير مسبوق.

"نحتاج إلى خطة جديدة!" صرخ جيوفاني وهو يحاول تجنب الموجة القادمة من الظلام. "لن نتمكن من هزيمته بهذه الطريقة!"

قبل أن يستطيع أحد منهم الرد، انفجرت صرخة عالية في السماء، وظهر صوت مزعج شبيه بالصوت الذي تصدره مخلوقات الجحيم. فجأة، ارتفعت سماء المدينة بأكملها لتشكل جدارًا مظلمًا، وكأن المدينة كانت تصرخ في وجوههم.

كانت المعركة قد بدأت تزداد تعقيدًا، والظلام كان يلتهم كل شيء. أصبح الثلاثة الآن يدركون حقيقة واحدة: لا بد من التحرك بسرعة، وإلا فإن المدينة بأكملها ستغرق في المجهول.

الصمت المظلمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن