عين الصقر

10 3 0
                                    

"نحن لسنا داخل بحر
اذا لما كل هذا الغرق "

*


في غرفة صغيرة، تملؤها روائح طلاء الأظافر الممزوجة بعبق عطر ويندي الخفيف، جلست ويندي على طرف سريرها بأناقة عفوية، تمسك بزجاجة الطلاء بدقة وكأنها تحمل سرًّا خفيًّا.

انعكس الضوء على سطح الطلاء اللامع في يدها، مما أضاف بريقًا لعينيها المتأملتين وهي تختار اللون بعناية، كأنها ترسم من خلاله حكاية جديدة، تفكر في كل تفاصيل إطلالتها للحفلة بعينٍ ناقدة وشغفٍ واضح.

أمامها، كان إيتان يقف وسط خزانتها المفتوحة، محاطًا برفوف الملابس المتنوعة التي بدت كلوحة فنية من الألوان والنقوش.

تردد لحظة بين أقمشة الفساتين الحريرية والقمصان المطرزة بألوان متناسقة، محاولًا أن يبدو جادًا، إلا أن ابتسامة خفيفة ارتسمت على شفتيه وهو ينظر إلى ويندي التي طلبت مساعدته.

ألقى نظرة عابرة نحوها قبل أن يقول بصوت هادئ وحاول أن يخفي فيه استهزاءً طفيفًا:

"ويندي، الأمسية عائلية، ما رأيكِ أن نرتدي البيجاما؟"

رفعت ويندي عينيها من أظافرها ببطء، وقد أضفى الرفض الحازم بريقًا جديدًا لوجهها، وحدقت به باستنكار واضح قبل أن ترد بثقة:

"وهل ستخرج للناس دون ساعة يدك؟"

ابتسم إيتان ابتسامة عفوية تخللها بعض التعجب، وأجاب بلهجة مرحة: "هذا مختلف، لا تخلطي بين ساعتي وبين ملابسك."

رفع حاجبًا متحديًّا بينما ردت عليه بجدية، كأنها تعيد تعريف قوانين الأناقة في عقلها: "الأمسية ليست عائلية، على الأقل ليس بالمعنى الذي تعنيه."

ضحك إيتان خافتًا، ثم عاد ليتفحص خزانتها بعناية، يمدّ يده ليلتقط قميصًا بسيطًا، لكنه قال بنبرة تتسلل فيها الحنكة: "ستصبح عائلية ، ابنة عمتنا من العائلة أيضًا، يا ويندي."

توقف الزمن لحظة؛ خفتت حركة ويندي وهي تضع زجاجة الطلاء جانبًا، ثم رفعت وجهها وأخذت تتأمل ملامحه بجدية غامضة، وكأنها تقيس مدى سعادته الحقيقية.

"يبدو أن الجميع سعيد بعد أن وجدتُ..." تمهلت قليلاً، كأن الكلمات تخرج بنبضٍ مدروس.

ردّ عليها إيتان بنظرة عميقة: "بالطبع، الجميع سيسعد، ألستِ كذلك؟"

ابتسمت ويندي ابتسامة طفيفة، تلمع فيها شرارة غامضة وقالت: "أنا كذلك، بالطبع."

في لحظة مفاجئة، ألقت ويندي بزجاجة طلاء الأظافر في القمامة، غير مباليةً بعدم استخدامها مجددًا، كأن هذا اللون قد أدى دوره ولم يعد يهمها.

نهضت من على السرير بنظرةٍ حادة، وبدون أن تلتفت لإيتان الذي كان لا يزال واقفًا بين رفوف ملابسها، تحرّكت بخطوات واثقة نحو الحمام. ألقت بجملة باردة، كمن يلقي حجرًا في بحيرة صافية، ليعكّر سطحها بلطفٍ غامض:

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Nov 11 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

زهرة بثلاثة بتلاتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن