الرضيعة

23 4 0
                                    

أعلم أن الدنيا تدور
والمشاعر تختلف
********




في قلب حيّ منعزل مخصص لأصحاب النفوذ والأثرياء، تقع فيلا كلاوس. تمتد الفيلا على مساحة شاسعة، محاطة بأشجار نخيل شاهقة وسياج مرتفع يمنع عيون الفضوليين من التسلل إلى الداخل. المنطقة بأكملها مشبعة بالرفاهية والفخامة، حيث تتباهى القصور المحيطة بتصاميمها المعمارية البارزة وحدائقها المُعتنى بها بدقة.

كانت فيلا كلاوس تتمتع بطابع عصري وحديث، مزج بين الأناقة والبساطة، مع لمسات من الذوق الرفيع لرجل يعرف كيف يجمع بين السلطة والذوق. من النافذة الكبيرة للمطبخ، يمكن رؤية الأفق البعيد لمدينة الأعمال، حيث تلمع الأبراج الزجاجية تحت أشعة الشمس الذهبية. كان المطبخ نفسه مزيجًا من الرخام الفاخر والخشب المصقول، يشعرك عند دخوله بأنك في قلب مركز للقرارات المصيرية وليس مجرد مكان لتحضير الطعام. الجو كان هادئًا، ولكن به نوع من التوتر الخفي، كما لو أن كل شيء هنا يحمل سرًا دفينًا.

كلاوس وقف بجانب آلة القهوة الحديثة، يراقب بهدوء انسياب السائل البني الداكن داخل الكوبين، فيما انعكاس ضوء الشمس الخافت من النافذة يضيء وجهه. كانت حركاته بطيئة وموزونة، وكأن الوقت في هذا المكان يسير بوتيرة مختلفة. وفي الزاوية المقابلة، جلس ميلان على كرسي خشبي، متكئاً بكسل على ظهره، بينما كان منشغلاً بتدوير مكعب الروبيك بين يديه. لم يكن هناك صوت سوى هدير خفيف من آلة القهوة، وتنفس ميلان الهادئ.

بابتسامة هادئة، التفت كلاوس نحو ميلان، قائلاً بصوت هادئ:

"ميلان، يجب أن تتوقف عن شرب القهوة مع الخمر. هذا لا يفيد صحتك أبداً، كما تعلم."

ميلان بالكاد رفع نظره، عينيه لمعت للحظة قصيرة قبل أن تعود إلى المكعب الذي بين يديه، كما لو أن كلماته لم تصل إلى وعيه حقاً.

"لا داعي للقلق، كلاوس."

كان ميلان يتحدث بنبرة باردة ومتحفظة، نبرة من عاش الكثير ولا يبالي حقاً بأي شيء.

كلاوس، وهو يهز رأسه بخفة، وضع كوب القهوة أمام ميلان، لكن نظراته لم تكن خالية من القلق. عيناه كانتا تراقبان ميلان، تلاحظان كل حركة، كل نفس، وكأنهما تحاولان قراءة ما وراء صمته.

"هذه ليست المرة الأولى التي أتحدث فيها معك حول الأمر. لكن بصراحة، ما يقلقني أكثر هي نوبات غضبك الأخيرة. أصبحت سريع الانفعال جداً. كدت تخنق زعيمة المكسيك المرة الفائتة."

توقف ميلان للحظة، ثم أطلق تنهيدة خفيفة، كما لو أن الكلمات لم تلامسه بعمق. دون أن يرفع عينيه عن هاتفه، أجاب ببرود:

"أنا بخير، كلاوس. أتعامل مع كل شيء بسلاسة. لا تقلق بشأنه... كما أنها بخير."

رد كلاوس، وكلماته تحمل نوعاً من السخرية المرة:

زهرة بثلاثة بتلاتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن