"إسمح لي بأن احبك يالله"

116 4 1
                                    

إنها الواحدة بعد منتصف الليل، الجميع نيام إستعدادًا لدرسٍ ما سيقوم عبدالله بإلقائه غدًا..
لكن ها انا ذا تفكيري المتعمق تجاه الامور والوجود يبقيني مستيقظًا مجددًا، الفراغ بداخلي يجعلني حزينًا.
إن الكتابة ما خُلق للبشر بعد خُلق الحزن لأن الله لم يخلق داءًا إلا خلق له الدواء..
والكتابة هي دواء حُزني، إنها تجعلني اقل حزنًا، تجعلني حزينًا بشكلٍ اقل اثارة للشفقة.
لذلك انا اكتب الآن لكِ مذكراتي، شاكيًا عن فراغ قلِة الإيمان بأمرٍ ما، عن التعطش للإحساس بالإمتلاء بأي شكل من الاشكال.

امبدوقلسْ فيلسوف روماني قديم، كان يبحث عن اليقين كما افعل أنا الآن، عن ضياءٍ للتوه الذي كان يتخبط فيه طويلًا، لقد رفض آلهة الرومان قائلا أن هذا الكون اشد تعقيدًا من كونه مبنيًا من قبل آلهة مصورة لتشبهنا، بكل النواقص والميل للشهوات.
لقد آمن أن هذا الكون وراءه امر اكثر كمالًا، لكن بحثه لم يقوده إلا لخيالٍ بحت ودوائر بلا نهاية مطاف، وحفرة من الشك اشد عمقًا واكثر حِلكة.
لقد قال امبدوقلسْ مره بأن الجميع آلهة في الواقع، لكننا كبشر فنحنُ آلهة خاطئة، قُضي عليها ان تكون بعيدة عن مقر السعداء، متلبسة بأجسام الصور الفانية.
لقد قرأت ذلك وكانت حجتي الوحيدة التي تُطيح بهذيانه النابع عن كل هذا التعطش ليقينٍ يجعله يؤمن بأمرِ ما، ليكون اقل فراغًا.. بأن البشر لو كانوا آلهةً خاطئة ما كان ابي يومًا ليولد بشريًا!
كان ليكون آلهة اصلية بجدارة، ضمن مجلس كبار الآلهة، في قعر مملكة السعادة، لكنه لم يكن كذلك لقد ولد بشريًا مع ذلك لم يكن خاطئًا ابدا لقد كان كاملًا يتصرف بكل قدسية.
بينما كانت الآلهة التي كان من المفترض ان تكون قد وضعت في مجلس الآلهة الأصلية لكونها قد ولدت بكمال تتصرف بكل شهوانية وعنصرية وخطأ، أعني، لقد نُبذ آلهة الحرب من بقية الآلهة لأنه قد سقط سهوًا في الجحيم وتشوّه لم ينبذ لأجل التساؤل "عما كان يفعله آلهة بالقرب من الجحيم؟"
لقد نبذ لكونه مشوهًا الآن لذا جُرّد من حقه بكونه آلهة أصلية بكل عنصرية وهذا تصرف بشري بحتة، لقد نبذ حتى من امه، وقد كانت الشياطين اكثر لطفًا لتقبل به رغم التشوه وتقوم بتربيته.
إن هذا سخيف، كيف للشياطين ان تتصرف بقدسية اكبر من الآلهة؟ كيف للآلهة أن تفعل امرًا سهوا؟
كيف للجميع ان يكون آلهة بينما حتى لغويًا آلهة مصطلح مفرد لا يقبل الجمع.

لقد كلّفني الامر يوم من التفكير لأنبذ فكرة أن الفلسفة لا تتصل بالدين، وأن العقل والدين متضادان لا يقبلان الجمع في جملة.
إن الفلسفة في الواقع كانت محاولات الفارغين للبحث عن إيمان، سعيٌ غير مُدرك للوصول إلى الله.
وهناك من وصل، وهناك من اوصله التعمق بالبحث لدهاليز اشد عمقا وتعقيدًا وضياعًا وآلوا لكونهم اكثر فراغًا وحزنًا، أو موتى لأن العيش كجسد امر مُضني لا جدوى من استمراره.

لا أريد ان يوصلني البحث عن الايمان للضياع يا الله، لا اريد ان انتهي كما بدأت..
خاويًا من الإيمان، خاويًا من الحياة، مخلدًا بالجحيم.

لقد صليت بكل ما تبقى من الإيمان بقلبي اليوم، بأن يحبني الله، او ان يسمح لي ان احبه فيملأ فراغ قلبي.

- - - - -

تشابتر خايس اي نو بس كتابة الحوارات اللي برأسك واللي تمنعك من النوم تدفعك بالغالب لكلام كذا، مب مرتب ابدًا

NOTE BOOKحيث تعيش القصص. اكتشف الآن