الفصل الرابع: الكاهنة العجوز

473 39 13
                                    

قسم السيف الحاد الهواء و هو ينزل كالصاعقة على رقبة أبي و حين دنى منها و كاد يقطعها، لمع وشم على ذراع ابي، و فور حدوث ذلك، تحطم السيف و وقع ارضا، تاركا جميع الجنود و على رأسهم ابي في حالة ذهول تام.

ابتعد الجنود عن ابي بخطوة و هم يرتجفون، ثم تشكل تراب الارض على شكل عبارة كتبت بالفارسية، فسرها احد الجنود جهرا، قائلا:

"و جعلنا لك على السيوف سلطانا"

و بعدها تقدم ذلك الجندي نحو أبي، فقطع قطعة الملابس التي تغطي ذراعه، فوجد وشما على شكل كرسي، ثم عقد حاجباه و قال: "اذا انت المنتظر، اتبعني"

تبع ابي الجندي و في فكره اسئلة بلا عدد ....
لقد قال لي أبي فتحي انه رسم لي ذلك الوشم عندما كنت صغيرا ....
لم يقل اي شئ اخر عنه .....
و ما معنى انني منتظر ......

اسئلة كثيرة كان يريد ان يسألها، و لكن نجاته من الموت الوشيك، و حركة تراب الارض امامه، جعلاه في صمت تام ....

وصل الجندي و وراءه ابي الى بيت قديم متهالك، قد اكل الدهر عليه و شرب، ثم طرق الجندي الباب برفق و حذر، ففتحت له فتاة صغيرة يافعة، و قبل ان تنطق الفتاة بكلمة فيها ترحيب، نادت سيدة عجوز بصوت واهن متقطع "أجئت بما وعدت يا جامع"، فرد الجندي: "اجل ايتها الكاهنة"

دخل الجندي "جامع" و ابي الى البيت، حينها رأيا عجوز لها شعر خشن ابيض، و وجه مترهل، و ثياب واسعة، و امامها بخور قوي الرائحة، و كثيف البخار

دققت العجوز في وجه ابي لبرهة، ثم أومأت برأسها في ايحاء انها راضية، فجلسا حولها

قالت العجوز لأبي: "و اخيرا اتيت، لقد امنني الاولياء الصالحون امانة ابلغها لك قبل ان اموت، و خشيت ان لا اراك قبلها"

تابعت العجوز قائلة: "نمت مرة، فحلمت انك تجلس على عرش لا يتخيله احد، و يقف امامك اربعة من الاولياء الصالحين، كل واحد منهم يمسك بوصية ملفوفة، ثم جاء رجل ذو لحية بيضاء، و معه العديد من الدراويش مفتولي العضلات، فأخذوا الوصية الأولى من أول الأولياء، ثم سلم الاولياء الثاني و الثالث وصاياهم لك، و بعدها خبأ الولي الرابع وصيته تحت عرشك"

تسمر ابي في مكانه، ثم تلعثم في الكلام قليلا، بعدها قال: "الان انا لا اعرف اي شئ عن امر الوصايا تلك، و لم يسلمني اي احد اي شئ"

اومأت العجوز برأسها في اشارة ان هذا طبيعي، ثم قالت: "انا اعلم ان الامر في اوله صعب التقبل، لكني ساوضح لك على حد علمي من الكتب السابقة و الرؤى التي مررت بها"، تابعت العجوز كلامها قائلة: "ان تسليم الاولياء في الحلم لك الوصايا، و هم بالطبع متوفين الان، يشير الى ان كل واحد منهم خبأ وصيته في مكان ما، بحيث لا يستطيع احد الا من تم تسليمه اياها في الحلم الحصول عليها"

وصايا الدراويشحيث تعيش القصص. اكتشف الآن