اشار الرجل الذي كان يقود العربة الى بيت كبير في طرف مملكة الغرب، فشكره ابي على ذلك، و عندما حاول ان يعطيه اجره، رفض، قائلا:
"ما ستدفعه انت من جهد، و ما ستتعرض من مخاطر، في رحلتك لانقاذ العالم من بطش التكية الظالمة ايها المختار، لن اقدر انا على ان اسدده لك"
ابتسم ابي ابتسامة خفيفة، اعتراها خوف شديد، فقد كان ابي منذ قليل، على مقربة من الموت المحقق في غابة المرايا، و ما في سيأتي في علم الغيب اعظم ...
توجه ابي و نور القلوب الى ذلك البيت، و اثناء مشيهما، لم يستطع ابي ان يمنع نفسه من ان يلقى نظرة على شوارع مملكة الغرب و بيوتها
لقد كانت الشوارع هادئة، و لكن بشكل غير اعتيادي، حتى ان ارضها كانت نظيفة جدا، مما يدل على قلة الحركة فيها. اما البيوت، فقد كانت مصنوعة من الطوب الاحمر، و لكن ما كتب على ابوابها، بالطباشير البيضاء، كان غريب حقا ..... غير مفهوم البتة ......
كان مكتوبا: "و اخيرا قد تحررنا من مخاوفنا ....."
حين قرأ الي هذه الكلمات، نظر الى نور القلوب في حيرة، ثم عقد حاجباه قائلا:
"أي تحرر؟! ان تكية الدراويش تحكم الارض جمعاء، و ليس هناك من يضاهيها قوة!"
لأول مرة، تمكن الخوف من ملامح نور القلوب، و تجمدت ملامح وجهه، كأنها مشدودة بسلاسل، ثم قال بصعوبة:
"الا اذا كان ...... الا اذا كان حطاب ....."
حينها رمقه ابي بنظرة توحي بان شلالا عظيما من الاسئلة سوف ينطلق من فم ابي، ليحطم جسد نور القلوب الهزيل، ان لم يفسر كلامه، فاستأنف نور القلوب حديثه، قائلا:
"انه شيطان .... شيطان في هيئة رجل .... لقد تحدى الاولياء في قديم الزمان ..... فغلبوه بعد حرب استنزفت منهم العديد من الرجال .... ثم نفوه الى الابد .... الى قمة جبل شاهق في مملكة الشرق ..... و هو قد تحدى الاولياء ..... انه سوف يعود في زمن ما ...... و سوف يقوم بفعلة تحرق قلوبهم في قبورهم ....."
تصلبت ملامح نور القلوب اكثر فاكثر، مستأنفا:
"هذا ما سمعته من احد معلمي الدار التي تربيت فيها، و ان كان حطاب له علاقة برحلتك تلك يا ابي، فنحن على اعتاب اكبر خطر ستراه عيناك ....."
صوب ابي نظره نحو نور القلوب بقوة الان، و كانه مدفع ستنطلق منه الذخيرة في اي وقت، سائلا اياه:
"و لكن التكية هي القوة المهيمنة على العالم الان، فلا يمكن لاي قوة ان تسيطر على مكان في العالم الا هي!"
فرد نور القلوب، بابتسامة خفيفة ساخرة، قائلا:
"اذا صدقت الوصايا، فقائد التكية الان -الددة بابا- الذي هو والدك، ليس القائد الحقيقي لها و للعالم، و بالتالي ليست له القوة ليقود الارض ضد حطاب، و بذلك، و حتى الان، قد يفعل حطاب ما يشاء، و لكن في الخفاء، حتى يأتي القائد الحقيقي للتكية و العالم"
أنت تقرأ
وصايا الدراويش
Ficção Históricaفي قديم الزمان حكم الارض قوم عاثوا فيها فسادا، حتى جرى الدم تحت ارجلهم كالشلال، و ما شجعهم على ذلك، هو نعم الله التي لا تحصى عليهم ...... او هكذا ظنوها على الاقل ..... و لكن كيف اذا كان الهدوء يسبق العاصفة ..... و ما بالهم اذا كانت العاصفة من ظهورهم...