بحار الأنوار تشع و تمتد على اليمين، و ألسنة النيران تنقبض و تنبسط و تتوعد على اليسار ..
حار أبي في أمره و تناثرت افكاره و قبضت، فكلا الطريقين لا مندوحة عن وطئه، و لكن وحشة الظلام لم يبد عليها الترحاب بضيوفها، فخلص ابي الا ان طريق الوصية الاولى هو الاختيار الارشد في الوقت الحالي
اقبل ابي و نور القلوب على الطريق المنير و قد تتطيروا بما سيسير بهم هذا الطريق اليه، هل يقلهم الى مثوى الوصية الاولى بسلام، ام سيغدق عليهم بمصائب لا حول لهم عليها و لا بأس
فور دخوله طريق الانوار، تردد صدى صوت في الافاق ليس يغفل عنه، صوت رخيم ذو عمق و جمال:
"بسم الله ذي الجلال ... مفتاح باب الوصال
تشرق أكوان الجمال ... في أعتاب ذي الكمال"طار الحمام مرفرفا بجناحيه بسلام في السماء، ثم تشكل في شكل درويش يدور حول نفسه، ثم حط على لافتة كبيرة مكتوب عليها:
"باب التجليات"
توغل ابي و نور القلوب في المكان، ثم رمق ابي نور القلوب قائلا:
"أتملك أدنى فكرة عن ما نحن مقبلين عليه؟"
تلمظ نور القلوب قليلا، ثم بادل ابي تلكم النظرة الحائرة:
"بحسب ما قرأت في كتب الأساطير، هذا مكان التجليات"
"المزيد من الإيضاح من فضلك"
أردف نور القلوب:
"هنا دفن الأولياء ...."
توزع ابي بين الارتعاد و الاستبشار، فهو لا يملك ادنى فكرة عن ما سيقبل عليه، فلم يجد الا ان يمضي قدما في طريق الانوار
بعد عدت خطوات، رأى أبي شاهدا منقوش عليه: "الولي الثاني" و قد حط على الشاهد حمام كثير، و تحلق حوله دراويش هائمون، يترنمون بما لم يتسن لابي فهمه بعد حين
اتسعت حدقتا ابي، ثم ادرك ان لا فائدة ترجى من القرب للفهم، فقد اخذ تلك الوصية مسبقا، فاستدرك سيره و مضى
بعد برهة من السير، لاحت من وسط الضباب مشربية بها ثقوب كفروع الشجر، و قد تكدس أمامها العديد من الناس يمدون أيديهم اليها تبركا و تيمنا، و منهم من تحدر الدمع من عينيه و منهم من فاض منها. و قد كتب على أعلى المشربية: "ضريح الولي الثالث"
مضى ابي يحدوه الامل لشعوره بأنه اقترب من بغيته
بعد خطى حثيثة و أنفاس عديدة وصل ابي الى أرض فسيحة، قد ابتل ثراها حتى كأنه يرتسم على صفحته وحوش صغيرة تواجه بابا عظيما في نهاية الأرض قد حفر عليه:
"باب الوصية الأولى لا يفتح الا باذن باريه و بأس أملاكه"
استدار ابي و نور قلوب في يديه ثم ركض بسرعة نحو الخارج حيث البابين ثم دخل من باب الشيطان، لا يدري لما و لكن ليس هناك من حل اخر قد ولدته بنات افكاره
جرى ابي حتى وصل الى النهاية الى حيث وجد ارضا فسيحة يسيح فيها وحوش كالتي في الارض الاخرىو لكن هنا قد وجد سيفا حيث يقف، في غمده يتدثر، فاستله من غمده بخفة و دقق في نصاه اللامع المزركش، حتى استطاع قراءة ما نقش على جانبه:
" بسم الله .... الله الله .... لله رجال في الأراضين تسيل كرمال رحمتهم دموع الأنهار .... و تتوهج الشموس الأقمار ..... و تخضر المشاجر و الأحراش .... اذا ما اختل العالم أركانه ..... و صوب اليكم الشيطان بنانه ..... و توعد بالشرور و العذاب ..... فاقرأوا ما يلي و ليس التالي يقرأ إلا اذا كا توفر ما سبق ..... اتل ما نقش على الأفلاك يحضر ملك الأملااااك"
دبت وجفة و رجفة في راس الي سرت في جميع جسده و استشرت في أوصاله، فقلب السيف على جانبه الاخر و تلى ما نقش:
"احضر ... احضر اقسمت عليك بما كتب في اللوح المحفوظ ... و بما عرش على كهفك من طيور و نسور ... و بجيشك الذي تسير ... و بعينك التي تحمر ... و بسيفك الذي يدمر ... و بقبضتك التي تفند"
حينها انطفأت انوار السماء الذهبية و اكتنفتها الظلمة الدامسة، ثم اشتعلت شعلة زرقاء في السماء دوى معها صوت انفجار، ثم انتشر الأزرق الداكن في السماء ثم خفت الدكنة و حضرة الدخنة و حضر "ذو النور" ملك البأس و العدة
![](https://img.wattpad.com/cover/48359673-288-k852386.jpg)
أنت تقرأ
وصايا الدراويش
Ficción históricaفي قديم الزمان حكم الارض قوم عاثوا فيها فسادا، حتى جرى الدم تحت ارجلهم كالشلال، و ما شجعهم على ذلك، هو نعم الله التي لا تحصى عليهم ...... او هكذا ظنوها على الاقل ..... و لكن كيف اذا كان الهدوء يسبق العاصفة ..... و ما بالهم اذا كانت العاصفة من ظهورهم...